2020

2. شؤون كنسيّة - المناولة والعدوى-٢ - الأب ميخائيل (الدبس) – العدد الخامس سنة 2020

شؤون كنسيّة

المناولة والعدوى

الأب ميخائيل الدبس

 

توطئة

في معالجتنا الأسس اللاهوتيّة التي تقوم عليها مسألة المناولة وانتقال العدوى بواسطتها (النور 2020، 4 ص. 174-178)، طرحت إشكاليّة العلاقة بين المحسوس والمعقول، وبين الله الخالق والعالم المخلوق، ومسألة التباين بينهما من جهة والتوافق والوحدة بينهما من جهةٍ أخرى. كان منطلق هذا الطرح مبدأ الخلق من العدم من قبل الله لمجمل العالم والذي (مبدأ الخلق من العدم) يشكّل قاعدة التوافق والتناغم ويقصي عن هذه العلاقة العداوة والصراع الكيانيّ التباينـيّ. فالعداوة التي نلحظها للوهلة الأولى بين هذين العالمين هي ظرفيّةٌ وغير طبيعيّة παρά φύσην طرأتْ على مجمل عالم المخلوقات نتيجة السقوط الذي أنشأ عدواةً من طرف هذه المخلوقات تجاه بعضها البعض وتجاه الله خالقها. فالله لم يخلق الكون من عناصر متعاديةٍ متصارعةٍ وإلّا سيكون، والحالة هذه، سببًا للعداوات والشرور. الكون خلق، بمجمل مكوّناته «ليرنّم، بصمتٍ، عظمة اللَّه»، ويرتقي، بمجمل مكوّناته أيضًا، إلى وحدةٍ وشركةٍ مع خالقه.

شواهد تاريخيّة.

شهدت الكنيسة في تاريخها حركاتٍ دينيّةً اصْطنعتْ صراعًا وهميًّا أزليًّا أبديًّا بين الشرّ والخير، بين المادّة والروح وشخْصنتْ هذا الصراع عبر صراعٍ بين إلهٍ للخير، يسوع المسيح، وإلهٍ للشرّ، الإله الخالق (مركيّون في أواسط القرن الثاني وماني في أواسط القرن الثالث). مجّت الكنيسة تعاليمهما لكونـها تكرّس ثنائيّةً إلهيّةً وتشيْطن المادّة وتناقض عقيدتيْ الخلق والتجسّد.

الإشكاليّة.

ما علاقة المناولة وانتقال العدوى عبرها بما نقول؟ يتطلّب جوابنا إيضاحًا مقتضبًا لمفهوم الأسرار عمومًا ولسرّ الشكر تحديدًا – لكون المناولة هي نواتـها – ولموقع المادّة والمحسوسات في هذه الأسرار.

الأسرار.

ذكرنا في الجزء الأوّل من بحثنا (النور 2020، 4 ص. 177) «أنّ الأسرار، بعامّةٍ، ليست إلّا وسائط تردّ الكائنات العقليّة إلى الوحدة القائمة بينها وبين مثيلاتـها الحسّيّة والتي كانت عليها قبل السقوط، وتجمعها إلى بعضها البعض في علاقة وحدةٍ مع اللَّه الخالق غير المخلوق» (التألّه). الأسرار هي القطاع الذي تتلاقى عنده كلّ الخليقة لتكون عربةً تنقل نعمة اللَّه التقديسيّة والإصلاحيّة إلى البشر. إنّـها إطلالاتٌ أخرويّةٌ للخليقة المتصالحة مع بعضها ومع اللَّه على المؤمنين المشاركين بـها. هي الإطار الذي يبيد كلّ عداوةٍ بين المادّة والروح بين المحسوس والمعقول بين الخليقة والخالق. لذا لا يقام سرٌّ من دون مادّةٍ منظورةٍ ومحسوسةٍ.

الأسرار وموادّها المنظورة.

المسألة المفتاح هنا تكمن في جوابنا عن السؤال التالي: في الأسرار هل تفقد المادّة خصائصها وقوانينها الطبيعيّة؟ هل يلغي الطقس الأسراريّ هذه الخصائص والقوانين؟ هل تتبدّل طبيعة الخبز والماء والنبيذ؟ بناءً على الجواب تطرح مسألة المناولة والعدوى.

في حالة سرّ الشكر والمناولة، بعد تحوّل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه هل يبْطلان أن يكونا خبزًا وخمرًا؟ طبعًا لا. هل يظلّان، حسّيًّا، خبزًا وخمرًا لكنّهما يفقدان خصائصهما التي خلقهما اللَّه عليهما؟ هنا بيت القصيد: إن جزمْت بفقدان خصائصهما أكّدت، بناءً لجزمك هذا، عدم نقلهما العدوى. وإن جزمْت باستمرار مفاعيل خصائصهما أكّدْت بجزمك هذا نقلهما العدوى. فلنفحصْ كلّ رأيٍ ولنر تبعاته الإيمانيّة لا العلميّة أو المنطقيّة، فالسرّ لا يحتمل وصفًا عقليًّا.

كيفيّة تحويل الخبز والخمر.

بدءًا وقبل الشروع بفحص الرأييْن، لا بدّ من أن نذكر أنّ الكنيسة الغربيّة، في محاولتها إيجاد تفسيرٍ عقلانـيٍّ – فلسفيٍّ لمسألة تحويل الخبز والخمر إلى جسد الربّ ودمه، استخدمتْ فكرًا أرسطيًّا قائمًا على عبارة μετουσίωση - Transsubstantiatio أي تحويل الجوهر. هذه العبارة هي صناعةٌ فلسفيّةٌ أرسطيّة اعتمدها اللاهوت المدرسيّ في الغرب في محاولةٍ لتفسيرٍ عقلانـيٍّ لمسألة تحويل الخبز والخمر. فبحسب أرسطو، كلّ حقيقةٍ لها جوهرها ولها توابعها المتبدّلة. فالذي يتحوّل خلال إقامة السرّ هو جوهر الخبز والخمر أي بعدهما الديناميّ الداخليّ غير المرئيّ. بينما تبقى الميزات الخارجيّة للعنصريْن (الخبز والخمر) على ما هي عليه. رفضت الكنيسة الأرثوذكسيّة هذا التفسير وأصرّتْ على أنّ التحويل يتمّ سرّيًّا بطريقة تفوق الوصف والعقل. لذا استعملتْ في قدّاس يوحنّا الذهبيّ الفم عبارة μεταβάλων  (مـحوّلًا) وليس عبارةμετουσιών (مـحوّلًا جوهره)، ولتؤكّد أنّ هذا التحويل لا يطال أيّ مكوّنٍ طبيعيٍّ لموادّ هذا السرّ لكون هذا الإبطال هو لزوم ما لا يلزم.

1- في حال القبول بفقدان المادّة المكوّنة للسرّ خصائصها الطبيعيّة: نطرح السؤال: لماذا تستدعي إقامة السرّ فقدان الخصائص الطبيعيّة لموادّ هذا السرّ؟ وتاليًا إبطال نقل العدوى، في حال كانت هذه الموادّ تحمل خاصّيّة نقل العدوى؟ لا يمكننا أن نجيب عن هذا السؤال إلّا إذا اعتبرنا أنّ هذه الخصائص لا تتوافق مع حضور الفعل التحويليّ لنعمة الروح القدس وتعيق المفاعيل التقديسيّة لهذا السرّ. وهذا الاعتبار يناقض ما حاولنا أن نبيّنه في القسم الأوّل من هذا البحث، ويكرّس العدائيّة الطبيعيّة والجوهريّة بين المحسوس والمعقول بين المخلوق واللامخلوق وتاليًا نكون قد أقصيْنا النواميس الطبيعيّة والمادّة من دائرة التدبير الخلاصيّ وكرّسنا ثنائيّةً عدائيّةً بين المادّة والروح، بين اللَّه الصالح والخليقة الشريرة بين اللَّه المحبّ واللَّه الخالق الشرّير.

هنا لا أريد، ولا يحقّ لي، أن أتّـهم من ينفي إمكانيّة العدوى باتّباع هذا الفكر الغريب عن المسيحيّة. معاذ اللَّه! ولكنّني أحاول أن أظهر تبعات هذا النفي الذي يفترض إلغاءً لخصائص الخمر والخبز الطبيعيّة. أذكر هنا ظاهرتين تؤكّدان أنّ تحويل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه لا يبطل مفاعيلهما الطبيعيّة:

أ- عندما يحضّر الكاهن يوم الخميس العظيم الذخيرة المقدّسة (الجسد والدم الذي يحفظ على مدار السنة لمناولة المؤمنين في الحالات الطارئة)، يعرّضها لحرارةٍ فوق الجمر بغية سحب الرطوبة منها حتّى لا تتعرّض للعفن والفساد.

ب- لا يترك الكاهن، بعد إقامة القدّاس الإلهيّ ما تبقّى من القربان المقدّس، بل يتناوله كيلا يفسد. وحدث أن غفل أحد الكهنة عن تناولـها وكانت النتيجة تحلّل هذا الفائض وتعفّنه. كيف لنا أن نفسّر هاتيْن الظاهرتيْن إلّا عبر الإقرار باستمرار فاعليّة النظم الطبيعيّة عليه؟

ربّـما أنّ المصرّين على نفي إمكانيّة نقل المناولة العدوى لا يقبلون باعتماد هذا التفسير وهذه الحجّة، وينعتونـهما بالفلسفة والحجّة العقليّة التي لا تتوافق مع فعل السرّ المقدّس ولسان حالهم:

1- كيف يمكن لجسد الربّ ودمه أن ينقل المرض أو يسبّبه لمتناوله؟!

2- المناولة هي لشفاء النفس والجسد وهي تشفي من الأمراض ولا تسبّب المرض.

الجواب عن السؤال الأوّل بسيط جدًّا: ما ينقل العدوى ليس جسد الربّ ودمه بل العناص المادّيّة التي نتناول عبرها هذا الجسد وهذا الدم من جهة، وقلّة مسؤوليّة خادم السرّ وعدم حرصه على حفظ هذا القربان سالـمًا فيزيولوجيًّا من أيّ عنصرٍ فاسدٍ من جهة أخرى.

الجواب عن المسألة الثانية هو في تحديد المفاعيل الأساسيّة للمناولة.

مفاعيل المناولة.

 في خدمة القدّاس الإلهيّ لا يُذكر شفاء الأمراض كأحد مفاعيل المناولة، بل يُطلب فيه شفاء المرضى ضمن طلبات المؤمنين الواردة في القدّاس الإلهيّ كما في مجمل الخدم الكنسيّة، طلباتٍ تطال مجمل أوجه حياتنا الدنيويّة في الروح القدس. لا بل أنّ ما يذكر في خدمة القدّاس الإلهيّ حول مفاعيل جسد الربّ ودمه واضحٌ ومحدّدٌ: بعد إفشين الاستحالة يقول الكاهن: «لكي يكونا (جسد الربّ ودمه) للمتناولين لنباهة النفس ومغفرة الخطايا وشركة الروح القدس وكمال ملكوت السماوات والدّالة لديك لا لمحاكمة ولا لدينونة». في قدّاس باسيليوس نقرأ في إفشين حنْـي الرؤوس بعد الاستحالة: «أهّلهم لأن يشتركوا بلا دينونة في أسرارك هذه الطاهرة المحيية لغفران الخطايا وشركة روحك القدّوس». عند توزيع الكاهن القربان على المؤمنين يقول: «يناول عبد اللَّه... جسد ودم ربّنا يسوع المسيح لغفران الخطايا ولحياةٍ أبديّة». عند الانتهاء من مناولة القرابين، يرفع الكاهن الكأس المقدّسة ويقول: «هذه لامست شفتيك فتنزع آثامك وتطهّرك من خطاياك».

في أفاشين المطالبسي نجد عبارات «صحّة النفس والجسد»، «شفاء النفس والجسد»، ضمن مفاعيل المناولة انطلاقًا من قاعدة أساسيّة في طقوسنا ولاهوتنا قائمةٍ على وحدة الإنسان نفسًا وجسدًا وعقلًا وعلى أنّ اللَّه لا يهمل احتياجاتـنا أيًّا كانت طبيعتها وهذا ينطبق على كلّ أسرارنا وصلواتنا «حسب حاجة كلٍّ منّا». والحاجة هنا لا يحدّدها، منفرًدا، المصلّي بل حكمة اللَّه وتدبيره الخلاصيّ أيضًا لكلٍّ منّا. فمفعول المناولة الأوّل والأساس والأكيد هو غفران الخطايا وعربون الحياة الأبديّة، في حال ترافقت هذه المناولة مع التوبة والاتّضاع وخوف اللَّه والإيمان والمحبّة. أمّا شفاء الجسد فهو من عطايا اللَّه لنا، إن شاء هو، والتي تطال أوْجه حياتنا البيولوجيّة والتي يعجز عنها الطبّ البشريّ.

في قراءتي مؤلّف القدّيس نيكولا كاباسيلاس حول القدّاس الإلهيّ لم أجدْ فيه أيّ ذكرٍ لشفاء الأجساد من الأمراض نتيجة المناولة، بل يقول في مطلعه: «الهدف هو أن يتقدّس المؤمنون بأخذهم عبرها (القدسات) غفران الخطايا وملكوت السماوات وما هو مرتبطٌ بـهما» (1،1) ويحمل الفصل 44 من الكتاب العنوان التالي: «إنّ التقديس يعطى أوّلًا إلى نفس الذي يناول جسد الربّ ودمه».

2- في حال القبول بمحافظة المادّة المكوّنة للسرّ على خصائصها الطبيعيّة، فإن كانت هذه المكوّنات، بخصائصها، قابلةً لنقل العدوى أو أيّ مرضٍ فمن الطبيعيّ أن يتمّ النقل. هنا لا بدّ من إيضاح الأمور التالية:

1- التأكيد على أنّ المناولة لم تنقلْ سابقًا ولن تنقل العدوى مبالغٌ فيه وغير مطابقٍ لواقع الأمور ولا يمكن إثباته على أرض الواقع.

2- التأكيد على أنّ المناولة تنقل العدوى لكلّ من يتعرّض لها مبالغٌ فيه أيضًا. لأنّنا، والحالة هذه ننفي أيّ مجالٍ لتدخّل العناية الإلهيّة ونخضع السرّ، حصرًا، للمعايير العلميّة والمنطقيّة. صحيح أنّنا أصرّينا، عبر ما قلناه، على أنّ الخصائص الطبيعيّة لا تلْغى في مواد السرّ، ولكنّنا نصرّ أيضًا على أنّ اللَّه ليس أسير هذه الخصائص وهو، كما تبيّن لنا في معجزاته، قادرٌ على أن يتخطّاها، لكونه خالقها، من دون أن يلغيها (راجع مقالة الكاتب «المسيح والعجائب» في النور 2019 -7- ص 340- 342)، وتاليًا لا يمكننا استبعاد المعجزة، عند المناولة، لمؤمنٍ ما وشفائه أو عدم إصابته بالعدوى. لذا لا يجوز التشكيك في بعض الحالات الموثّقة التي أظهرتْ أنّ أحد الكهنة لم يصبْ بعدوى السلّ أثناء مناولته لمرضى مصابين به كما لا يجوز تعميمها والبناء عليها لتبرير عدم حرص الكاهن وتنبّهه لاحتمالات نقل المرض عبر المناولة، مع التأكيد أيضًا أنّنا، كمؤمنين بالعناية الإلهيّة، لا نؤسّس سلوكنا على المعجزات بل على محبّة اللَّه وتعاليم الكنيسة وكتابـها وعقائدها. فإذا أصبْنا بمرضٍ ما لا نذهب إلى المناولة لنشفى بل إلى الطبيب وتكون لنا المناولة حينها زادًا إلهيًّا يساعدنا على مواجهة المرض والرجاء، وعلى الشفاء في حال عجز الطبّ عنه.

3-  عدم اعتبار نقل العدوى بالمناولة إهانةً للقدسات لأنّ مفاعيلها، كما ذكرنا، هي الحياة الأبديّة وغفران الخطايا ولا تتأثّر بأيّ طارئٍ يصيب مكوّناتـها المادّيّة.

المناولة اليوم.

ماذا يجري اليوم في رعايانا في مسألة المناولة والخوف من انتشار العدوى؟ البعض يصرّ على أن يطْبق المؤمن شفتيه على الملعقة ويعتبر هذا الفعل مظهرًا من مظاهر قوّة الإيمان. البعض الآخر يزجر المؤمن إذا ما فعل لأنّه يعرّض بفعله هذا غيره للعدوى. البعض الآخر يحاول أن يبتكر طرائق جديدةً للمناولة فتنهيه رئاسته الروحيّة عن هذا الإجراء.

لا يمكننا اليوم تجاهل هذا الواقع الأليم، فعددٌ كبيرٌ من أبنائنا ممّن لم تكن لديهم أيّ مشكلةٍ في طريقة المناولة قد أحجم عن المناولة منذ ظهور الجائحة. هل يمكننا تجاهل هذه الظاهرة والاستمرار على ما نحن عليه، بخاصّة أنّنا نشهد بين هؤلاء المحجمين عددًا كبيرًا من أبنائنا الملتزمين بإيمانـهم في حياتـهم ومسلكهم الشخصيّ والاجتماعيّ والمطّلعين بعمقٍ على مضامين إيمانـهم المسيحيّ. إنّ أكثر ما يؤلمني أن يواجهني أحدهم بدمعةٍ أو حسرةٍ بعدم إقدامه على تناول جسد الربّ ودمه ولا يثنيه عن إحجامه تعليمٌ أو تطمينٌ بابتكار طريقةٍ أخرى للمناولة. أأتركه في معاناته أو أحاول أن أقنعه، عبثًا، بأنّ لا تنازل عن الملعقة وأنّه من دونـها ينهار الإيمان الأرثوذكسيّ وتسقط التقوى وتـهان القدسات؟

الملقط والجمرة.

«فطار إليّ واحدٌ من السيرافيم وبيده جمرةٌ قد أخذها بملقط من على المذبح ومسّ بـها فمي وقال إنّ هذه قد مسّت شفتيك فانتُزع إثـمك وكُفّر عن خطاياك» (إشعياء 6،6).

يجمع الكلّ على أنّ هذه الرؤيا هي صورة كتابيّة معبّرة عن المناولة وعميقة. لماذا لا نعتمدها طريقةً للمناولة أكثر أمانًا وعملانيّةً من الطريقة المتّبعة حاليًّا؟ لا بدّ من وجود طرائق أخرى. لماذا نحمّل المؤمنين أحمالًا بدأوا يعجزون عن حملها بحجّة أنّ الخضوع لرغبات بعض «المشكّكين» في القدسات قد يقودنا إلى تنازلات أكثر عمقًا في إيماننا؟

خاتمة.

حاولت أن أبيّن أنّ انتقال العدوى من طريق المناولة ممكنٌ وهو لا يمسّ القدسات ولا الإيمان الأرثوذكسيّ، لا بل يتطابق والأسس اللاهوتيّة التي يقوم عليها مفهوم الأسرار وتعليم الكنيسة حول الخلق والتجسّد وعلاقة اللَّه بخليقته. كما أنّ المفاعيل الأساسيّة للمناولة لا يمسّها أيّ طارئٍ وإبطالها يتحقّق من طرف المؤمن الذي يتناولها من دون توبةٍ ومن دون «خوف اللَّه وإيمانٍ ومحبّة»، لا من طرف اللَّه أو أيّ جائحةٍ أو مرض. ربّما أصبت، ولو جزئيًّا، وربّما لم أصبْ. ولتكن هذه المحاولة بدءًا لتخطّي هذه الأزمة. هذه محاولةٌ من راعٍ يعيش معاناة رعيّته ويسعى إلى التخفيف عنها عبر إظهار لطف اللَّه ومحبّته وحمله الخفيف. (متّى 11، 28- 30).n

 

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search