الأمّ ماريّا حسّون المعلوف
راية من بلادي
لولو صيبعة
تحيّة وفاء وإجلال إلى الأمّ ماريّا حسّون المعلوف، تلك الفتاة المتواضعة التي أنجبتها قرية المحيدثة، والتي لا تزال ذكراها في نفوس أبناء البلدة.
أمّ ماريّا، لا تخشي شرًّا ولا تخافي فديرك في أيدٍ أمينة، والعذراء مريم التي عشقت تحرسه، وعطر قداستك تشرّبته حجارته العتيقة التي لو نطقت لباحت بمكنوناتها وخبّرت عن تضحياتك.
v ماما ماما وصلت السيّارة السوداء وجاءت المرأة التي تلبس فستانًا أسود، ومعها سيّدة أخرى ترتدي الأسود أيضًا، سأذهب لأراها.
عيب استحي هذه رئيسة دير سيّدة صيدنايا الأمّ ماريّا ومعها راهبتها المساعدة، فلا تزعجيها.
v لا لا فقط سأقول لها صباح الخير.
كنت أعلم في سرّي أنّها ستغدق عليّ الحلوى اللذيذة التي تجلبها معها في سيّارتها الجميلة. لذا كنت أتبعها إلى بيت أهلها وأقعد عند قدميها أستمع بشغف إلى حكاية عشقها ترويها لزوّارها، الذين كانوا ينتظرونها ليعرفوا كلّ جديد عن ديرها.
لم تكن امرأة عاديّة أو راهبة بسيطة، بل كانت تضجّ بالحياة والحيويّة. إيمانها القويّ باللَّه وثقتها بشفاعة العذراء دفعاها إلى تحقيق إنجازات كبيرة. وكانت ابتسامتها المشرقة تعلو ثغرها وعيناها تشّعان بنور غريب ووجهها يطفر بالحبور كلّما تحدّثت عن الدير وعن راهباتها وعن مساعدتها الراهبة كاترين أبو حيدر.
الأمّ ماريّا حسّون المعلوف من هي؟ وما هي قصّتها مع الرهبنة ومع دير سيّدة صيدنايا؟
العام 1908 شهدت قرية المحيدثة المتنيّة(١) ولادة طفلة أسماها والداها أليس. أبوها الأفندي إلياس حسّون المعلوف، خرّيج الجامعة الأميركيّة في بيروت، قاضٍ ورئيس محكمة جونيه، ويملك الأراضي الزراعيّة الواسعة في البلدة. تزوّج بوردة كمال ابنه المحيدثة ورزقا خمسة صبيان وستّ بنات.
تلقّت أليس علومها في مدرسة العائلة المقدّسة في جونيه، وتفوّقت في دراستها، وأصبحت في ما بعد مدرّسة في المؤسّسة ذاتها.
عشقت الربّ منذ نعومة أظفارها وتأثّرت بالحياة الرهبانيّة، ورغبت في أن تنضمّ إلى رهبنة القلبين الأقدسين، إلاّ أنّ والدها حاول أن يماطلها آملاً أن تتزوّج، وسألها لماذا اختارت هذه الرهبنة دون غيرها وعند الأرثوذكس أكثر من رهبنة.
في صيف العام 1927، حضر إلى دير النبيّ إلياس(٢) شويّا البطريرك الأنطاكيّ غريغوريوس الرابع (حدّاد)(٣). وكالعادة توافد المؤمنون لزيارته ومن بينهم الأفندي إلياس حسّون المعلوف. ورأت أليس الفرصة مؤاتية لتتعرّف إلى البطريرك وإلى الرهبنة الأرثوذكسيّة، فطلبت إلى أبيها أن ترافقه إلى الدير فوافق على مضض. ودار حديث بين البطريرك وأليس حول الرهبنة وأخبرها عن الميتم في دير سيّدة صيدنايا. أعجب البطريرك بذكاء أليس وبتربيتها فقال لوالدها: «أهنّئك على حسن تربيتك وأرجو أن توافق على تنفيذ نذرها في تعليم بنات الميتم وأن تسمح لها بمرافقتي إلى الدير».
لم يحسب الأفندي إلياس حساب هذا الطلب وحاول الاعتراض لكنّ حجّة أليس بمساعدة البطريرك كانت أقوى فوافق مكرهًا.
في دير سيّدة صيدنايا سلّم البطريرك أليس إلى الرئيسة آنذاك مريم الصبّاغ الدمشقيّة(٤) وأوصاها بالاهتمام بالصبيّة أليس. فرحت الأمّ مريم بهذه الآتية من لبنان، وعيّنتها معلّمة في المدرسة وأوكلت إليها إدارة الميتم والمدرسة معًا.
مضت شهور عدّة وأليس في الدير منهمكة بالإدارة والتربية والتعليم. وفي أحد الأيّام زارها والدها مطمئنًّا وحاول أن يثنيها عن رغبتها في البقاء بالدير والعودة إلى البيت ولكن ذهبت محاولاته أدراج الرياح. إذ أرادت أليس كما قالت له أن تخدم العذراء عبر خدمة الدير والأطفال، وممّا قالته أيضًا: «أرجوك افهمني إنّ كلّ لحظة أمضيها مع إحدى اليتيمات الصغيرات هي فرح لا يمكنني وصفه». كما أكّدت له أنّها ستبقى علمانيّة ولن تترهّب قبل أن تفكّر مليًّا بالموضوع. أمام هذا الإصرار وهذا الوعي غادر الأفندي إلياس الدير عائدًا إلى بيته وعمله.
سنوات مرّت وأليس منكبّة على خدمة الميتم والمدرسة والإدارة. وفي العام 1931 طلبت أليس إلى الأمّ مريم الصبّاغ أن تقبلها في الدير. ولبست أليس ثوب الابتداء في الشاغورة المقدّسة بحضور الراهبات. ولكن كيف اختارت أليس اسم ماريّا؟ دُونت أسماء القدّيسات على أوراق ووضعت في طاقة الشاغورة، وطلبت الأمّ الرئيسة من أليس أن تسحب ورقة فكان اسم ماريّا.
أرسلت المبتدئة ماريّا تخبر والدها بما جرى وطلبت إليه أن يعذرها لأنّها لم تعلمه بقرارها ووقّعت الرسالة باسم «ابنتكم الأخت ماريّا». كان الأفندي إلياس في قاعة محكمة جونيه عندما وصل رسول من دير صيدنايا يحمل الرسالة. فتح القاضي الرسالة وقرأها فبكى وأدهش الحاضرين الذين سألوه عن السبب فقال: «ابنتنا ارتسمت راهبة في دير صيدنايا».
وفي التاسع من تشرين الثاني 1932 حضر الأفندي إلياس وزوجته وأولاده إلى دير صيدنايا، يوم اتّشحت الأخت ماريّا بالثوب الرهبانيّ وقدّمت نذورها للربّ أمام البطريرك ألكسندروس الثالث (طحّان). وكم كانت فرحة الحاجّة ماريّا عارمة عند رؤية عائلتها.
تسلّمت الحاجّة ماريّا إضافة إلى الميتم والمدرسة أمانة سرّ الدير تقديرًا لعلمها ولثقة الرئيسة والراهبات.
وفي العام 1942 عندما توفّيت الأمّ مريم الصبّاغ، اتّفقت الوكيلة الحاجّة هيلانة خوري وراهبات الدير على أن تستلم الحاجّة ماريّا رئاسة الدير فعرضن الأمر على البطريرك ألكسندروس فوافق، وكان ذلك في العام 1946.
كيف كان وضع دير سيّدة صيدنايا عند استلام الحاجّة ماريّا الرئاسة؟
- كان بحاجة إلى صيانة لم يكن بمقدوره إنجازها بسبب الديون المتراكمة.
- من حيث الإدارة كانت كلّ راهبة تتدخّل بشؤون الأخرى من دون تحديد الصلاحيّات.
- من حيث الترتيب والنظام، كان بعض الزوار يتدخّلون بشؤون الدير من دون رادع ويتصرّفون على هواهم.
ومن هنا انطلقت الورشة المضنية لوضع الأمور في نصابها، ليسير الدير في طريق الازدهار وليكون منارة للنفوس العطشى إلى الهدوء والصلاة.
العجز كبير ولكنّ الإرادة أقوى، ولم يكن بمقدور الحاجّة ماريّا أن تقوم بكلّ العمل وحدها، فاختارت لها مساعدة هي الحاجّة كاترين أبي حيدر(٥) من قرية بسكنتا المتنيّة أيضًا.
وبالاتّكال على اللَّه وعلى العذراء مريم شفيعة الدير، نجحت الأمّ ماريّا والحاجّة كاترين في ترميم الدير وإعادة الترتيب والنظام. وتوزّع العمل بينهما، فكانت الأمّ ماريّا تسعى إلى تأمين الأموال اللازمة لتسديد الديون الكثيرة، والحاجّة كاترين تنفّذ المهامّ الموكلة إليها. واضطرّت الأمّ ماريّا إلى السفر إلى بلدان عدّة، كانت أوّلها مصر حيث مكثت فترة طويلة جمعت خلالها مبلغًا مكّنها من تسديد الديون، والبدء بأعمال الترميم وتجديد أجنحة الدير وتبليط أرضيّة الغرف الترابيّة، وإصلاح السقف المتشقّق.
ثمّ توجّهت الأمّ ماريّا إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة العام 1948 حيث كانت تجمع التبرّعات وتبني جسورًا بين المؤمنين اللبانيّين والسوريّين المهاجرين والدير. وفي تفاصيل هذه الزيارة، في العام 1948 ألهمها اللَّه السفر إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة لزيارة شقيقتها وعائلتها. وما إن وطئت قدماها أرض العالم الجديد حتّى نشرت الصحف خبر وصولها وتوافد الناس لزيارتها طالبين بركتها وزيارتها في بيوتهم وتقبّل نذورهم. فانهالت عليها التبرّعات التي أرسلتها إلى الدير بواسطة المطرانين أنطونيوس (بشير)(٦) وصموئيل (داود)(٧). وعندما عادت إلى الدير وجّهت رسالتي شكر إلى كلّ من المطرانين، اللذين حثّا المؤمنين على مدّ يد المساعدة.
والمشاريع التي أقامتها الأمّ ماريّا كثيرة فصرفت الأموال التي جلبتها من أميركا على ترميم سقف الكنيسة، وتوسيع شبكة الكهرباء، زيادة غرف النوم، فرش الكنيسة بالسجّاد، إنشاء مستوصف طبّيّ لمعالجة المرضى داخل الدير....
تركت الأمّ ماريّا حسّون المعلوف أثرًا طيّبًا في نفوس المؤمنين في أميركا، إذ قال الأرشمندريت ملاتيوس (صويتي)(٨): «في الحقيقة تركت هذه الراهبة التقيّة في جميع المدن والقرى والبيوت التي زارتها ذكريات طيّبة فعلت فعلها الصالح في نفوس الجميع من كبار وصغار، وهم ما يزالون يذكرون تلك الروحانيّة الرائعة التي كانت تتجلّى على وجهها وتنبثق من شخصيّتها المحبوبة المحترمة. وإذا كان المهاجرون قد تبرّعوا بأموالهم للدير العامر ومشاريعه الخيريّة، فقد عوّضتهم حضرة الرئيسة الفاضلة أضعافًا مضاعفة بما كنت تنثره في أوساطهم من الهبات الروحيّة. وصرّح لنا كثيرون أنّهم كانوا يشعرون بأنوار روحانيّة غير اعتياديّة تتألّق على وجه الرئيسة الفاضلة حين كانت بينهم، وكانوا يرون آيات التقوى المرتكزة على الإيمان القويم تتدفّق مع كلماتها من فمها حين كانت تخاطبهم...(٩)».
وقال الأرشمندريت إلياس (الخوري)، من غراند رابيدس في 12 تمّوز 1949: «تركت أميركا ولكنّك أبقيت فيها لك ذكرًا طيّبًا ويا ليتنا نحظى برؤيتك مرّة ثانية تكون أطول عهدًا... يحقّ لسكّان الدير أن يفخروا برئيستهم لأنّها رفعت عاليًا اسم الدير بشخصيّتها الممتازة وأحاديثها المخلصة وتواضعها النبيل. والدير الذي يسهر على راحته ملاك أرضيّ مثلك لا يمكن إلاّ أن يسوده النظام والترتيب والاحترام... لذا نسأل أخواتنا الراهبات التقيّات ألاّ يفترن عن الدعاء إلى اللَّه كي يحفظ رئيستهمّ النشيطة التي ملأت الآفاق الأميركيّة عطرًا وتقوى وتديّنًا”.
في العام 1956 سافرت مع مساعدتها إلى روسيا واستقبلتهما الكنيسة الروسيّة الأرثوذكسيّة بكلّ حفاوة، وأغدقت عليهما الأيقونات والهدايا التي أغنت الدير، وسمحت بتحويل كنيسة القدّيس ديمتريوس إلى شبه متحف.
ومع كلّ الأشغال لم تنس الأمّ ماريّا قريتها وكنيسة رقاد والدة الإله فيها فأجزلت العطاء، وما تزال الأواني الكنسيّة التي قدّمتها محفوظة فيها.
بالأموال التي جمعتها الأمّ ماريّا تمكنّت من تحقيق الإنجازات التالية:
- ترميم كنيسة الدير والكنائس التابعة لها والواقعة حول الدير وهي: كنيسة التجلّي، كنيسة مار يوسف، كنيسة القدّيسة بربارة، كنيسة النبيّ إلياس وكنيسة القدّيسة تقلا.
- دير القدّيس يوحنّا المعمدان ويقع على مسافة ستمائة متر شمال غرب دير السيّدة. دير قديم جدًّا، كنيسته تضمّ ثلاثة صحون وثلاثة هياكل وعددًا من القلالي المحفورة في الصخر داخل سور يدخله الزائر عبر باب صغير.
- دير القدّيس خريستوفوروس خارج بلدة صيدنايا.
ومن المشاريع التي تمّت أيضًا:
- بناء الصالة الرسميّة وقاعة الطعام التابعة لها فوق سطح الدير العام 1958.
- بناء غرف لاستقبال الزوّار الذين يرغبون في المبيت في الدير.
- بناء جناح خاصّ للميتم في العام 1966 يسع أكثر من أربعين طفلة.
- بناء دائرة الرئاسة فوق الميتم لتسهيل مهامّ الرئيسة في إدارة الميتم ومراقبة العمل فيه.
- بناء درج جديد للدير يستوعب أعداد الحجّاج في الأعياد وبخاصّة في عيد ميلاد العذراء مريم.
- اعتنت الأمّ ماريّا شخصيًّا بالمدرسة وبالميتم واستقدمت المعلّمات، وحرصت على أن تكون كلّ واحدة منهنّ مسؤولة أمامها تنفّذ الخطّة المرسومة.
الدير في تلك المرحلة كانت تعمّه الفوضى فالزوّار يسرحون ويمرحون فيه بضعة أشهر ويمضون فيه فصل الصيف مقيمين الحفلات، ولا يعيرون قدسيّة المكان أيّ اعتبار. وهذه الفوضى المستشرية شوّهت حياة الرهبنة، فما كان من الأمّ ماريّا وبفضل مساعدتها إلاّ أن أوقفت كلّ هذه المظاهر الشاذّة، وحدّدت يومًا واحدًا للزوّار وثلاثة أيّام لأقارب الراهبات. كما عيّنت راهبة مسؤولة عن غرفة التموين واستطاعت هكذا أن توفّر الطعام لكلّ جائع يقصد الدير.
كثرت الاعتداءات على أملاك الدير، ونجحت الأمّ ماريّا في وضع حدّ لها، واستثمرت كلّ شبر من الأراضي. وهكذا ازدهر دير سيّدة صيدنايا البطريركيّ وأصبح منارة روحيّة يقصدها كلّ مؤمن.
بعد هذا الجهد المضني، لم يكن أمام المثلّث الرحمة البطريرك إلياس الرابع (معوّض) إلاّ أن يكرّم الأمّ ماريّا فقلّدها وسام الرسولين بطرس وبولس مؤسّسي الكرسيّ الأنطاكيّ المقدّس من درجة كومندور أوّل، في السادس من تشرين الأوّل 1974. وألقى البطريرك خلال القدّاس الإلهيّ كلمة قال فيها: «في هذا اليوم تقف الكنيسة مكرّمة ابنة تركت الدنيا وكرّست نفسها للعذراء تخدمها بإخلاص ومحبّة وتفانٍ. هذه الابنة الروحيّة عرفتها منذ طفولتي وكانت معلّمتي. عندما جئت إلى هذا الدير في السنة 1927 كانت هذه الابنة تعلّم بنات الميتم هنا. عرفتها وعرفت فيها بنت أدب وتقوى وأخلاق». ثمّ تحدّث عن عائلة الأمّ ماريّا وعن إنجازاتهم ومآثرهم في المناصب التي تولّوها في الدولة، وذكر شقيقها الأديب جورج حسون المعلوف، وشقيقيها فكتور ونقولا. وأضاف: «الفائزة الوحيدة في هذه الدنيا هي هذه الابنة الروحيّة لأنّها اختارت هذه الحياة، وهي التي خلقت هذا الدير وبنته بإيمانها وتقواها».
وأنشدت لها الراهبات واليتيمات معًا:
حبّذا يوم سعيد يوبيل أمّ الراهبات
تنجلي فيه الأماني كالشموس النيّرات
يوبيلك يا أمّ يبدو باعثًا فينا الحياة
يدك البيضاء تعنى باليتامى البائسات
سعيك المبرور يزهو يا مثال الأمّهات
عاشت الأمّ ماريّا بهناء وصفاء
تغرس فينا المحبّة والإيمان والرجاء
كما ألقيت كلمات وقصائد تشيد كلّها بالأمّ ماريّا حسّون المعلوف وبما حقّقته في إنعاش دير سيّدة صيدنايا البطريركيّ، وفي إعادة الحياة الرهبانيّة الأصيلة إليه.
مرضت الأمّ ماريّا فاعتنت بها الحاجّة كاترين، ثمّ أدخلت مستشفى القدّيس جاورجيوس حيث توفّيت في 23 نيسان 1977، وأقيم لها جنّاز في الدير ترأسه المثلّث الرحمة البطريرك إلياس الرابع وعدد من المطارنة أعضاء المجمع المقدّس ولفيف من الإكليروس. وحملت الراهبات الأمّ ماريّا على سجّادة إلى مثواها الأخير في مقابر الراهبات في كنيسة القدّيسة بربارة.
في طفولتي عندما كنت أستمع إلى حكايتها مع الدير ما كنت أفقه شيئًا، ولكن عندما زرت الدير للمرّة الأولى برفقة والدتي وبعض قريباتها، وشاهدت بأمّ العين إنجازات الأمّ ماريّا، أدركت حينها أنّها راهبة حقّقت نذورها بأمانة.
راهبة أعتقها اللَّه من روح البطالة وحبّ الرئاسة والكلام البطّال.
راهبة أنعم عليها اللَّه بروح العفّة والصبر والمحبّة والتواضع.
راهبة تركت العالم ومغرياته ولجأت إلى كنف الدير، فأنجزت في وقت قصير حلمًا راودها بأن تجعل من هذا الصرح منارة تليق بصاحبته والدة الإله مريم الكلّيّة القداسة.
راهبة ننحني إجلالاً لتواضعها وصدقها ومحبّتها، فاذكرينا عند من عشقت فأنت الآن تنعمين برفقة خالقك.
ماذا أقول بعد عن فتاة من بلادي، هي ابنة خال جدّتي، فالكلمات التي وردت لا تفيها حقّها، ولكن أتضرّع إلى اللَّه أن تتبع الراهبات اليوم نهج الأمّ ماريّا حسّون المعلوف.
والسلام.n