2019

7. خاطرة - مسارح الأحلام - وسيم ميلاد وهبة – العدد الثالث سنة 2019

مسارح الأحلام

 

وسيم وهبه

 

نجوم على ضفاف الحقيقة، هناك حيث تلتقي اليقظة بالغفو، يزورنا الحلم كضيف يحضر على غفلة. بين واقعنا والوهم يشيّد الخيال لنفسه مسرحًا حرًّا من القيود. 

نغمض عينينا فنطلقهما من طغيان الواقع. ويستيقظ عمرنا الثاني الذي يختبئ في النوم. فحياتنا ليست عمرنا في عيوننا المستديرة المبصرة حصرًا. حياتنا تستريح في أماكن يضيع فيها الوقت، في المطارح التي تخرج من الزمن.

الحلم نائم يستيقظ متى نمنا. كأن ليس بينه وبين الواقع ألفة. يثور مرّات من أجل الحقيقة، يغلي من النفاق فتسقط الأقنعة. يحبّ البسيط الممتنع. قد لا نفهمه، فننساه، وقد ينحفر في قلبنا، فيصير ملازمًا لنا متعلّقين به.

غالبًا ما يكون حلمنا ضوءًا باهتًا على تطلّع لنا ورغبة نتوق إليها، أحاسيس وحوادث نقمعها في واقعنا ونحبسها، فتخلع الواقع وحبسه وتقتحمنا. هل سمعنا يومًا بأنّ إنسانًا قرّر ما ستكون رؤياه في غفوته؟ أو رسم ما سيجيء إلى باله من خفايا وأعاجيب مطمورة؟

يشبه الحلم مسرحًا تتحرّك فيه الدمى على إيقاعات تتغيّر، إيقاع فرحٍ تارةً، إيقاع حزنٍ تارةً أخرى. كلّها تمتزج كما في  مقطوعاتٍ موسيقيّة لتختصر قصص الحياة. دمى الأحلام يحرّكها الخيال . لكنّها، رغم سكناها الوهم واللاوقع، تملك حقيقةً تذهل.

أترجّى خاطري على الدوام، أن تكون أحلامي مشاهد دمًى تتمايل على وقع الملائكة، تترنّم بشدوها الساحر. أتمنّى ألاّ أكون في حلمي أناي. أودّ أن ترميني نفسي من نفسها لأطير كنيّر يميل عن البشاعة ويضيء في الجمال حيث يسكن اللَّه. عساي أن أفيق من حلمي الصغير حاملاّ منه أغمار نور زادًا لي، كي أصيّر هذا الحلم حقيقتي. حينها أكتفي.n

 

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search