2015

4. دراسة كتابيّة: الليتورجيا والخروج - د. نقولا أبو مراد – العدد الخامس سنة 2015

 

الليتورجيا والخروج

نقولا أبو مراد

 

 

مقدّمة

لا شكّ في أنّ الخروج من مصر هو الموضوع الأساس في مجموعة الكتب الموسويّة الخمسة، هذا ما يظهره مثلاً عدد الأسفار التي تتحدّث عنه مقابلة مع سفر واحد يتحدّث عن كلّ ما سبق ابتداءً بخلق العالم. هذا ورواية الخروج من مصر تتضمّن المفاتيح الرئيسة التي تمكّن القارئ من فهم قصد المجموعة ككلّ.

١- الإقامة في مصر كعبوديّة

يبدأ كتاب الخروج بوصف واقع »بني إسرائيل« وحالهم في مصر (1: ٨- ١٤)؛ كان فرعون استعبدهم مرغمًا إيّاهم على أن »يعملوا له«. وكان هذا أيضًا حال إبراهيم عندما لجأ إلى مصر هربًا من المجاعة التي ضربت الأرض (تكوين 12: 10ي). الحقيقة أنّنا، إذا ما قرأنا هذه الرواية القصيرة حول لجوء إبراهيم إلى مصر وإقامته فيها، نجد فيها أهمّ المواضيع التي تميّز الخروج: العبوديّة، والضربات، وتدخّل اللَّه، والخلاص. الموازاة بين مكوث إبراهيم في مصر وعبوديّة الإسرائيليّين في رواية الخروج تجعلنا نفهم معنى العبوديّة ومضامينها. لجأ إبراهيم إلى مصر طلبًا للطعام حين المجاعة مبتعدًا عن الخطّ الذي كان الَّه رسمه له نحو »الأرض«، وهكذا كان ذهاب »بني إسرائيل« إلى مصر ابتعادًا عن الطريق عينها: حين قرّر بنو إسرائيل أن يذهبوا إلى مصر ويبقوا فيها، كانوا ضمنًا »يبتعدون« عن قصّة جدّهم إبراهيم، الذي كانت له البركات في الأرض التي قرّروا الهروب منها. لهذا، في رأيي، يصف كاتب الخروج مكوثهم في مصر بالعبوديّة، أي بحال ينبغي لهم ألاّ يكونوا فيها.

٢- عبوديّة فرعون إزاء عبادة اللَّه

في خروج 3: 18 إشارة واضحة إلى غاية الخروج: »نمضي سفر ثلاثة أيّام في البرّيّة ونذبح لإلهنا«. ويأتي الكلام على هذه الغاية على نحو أوضح في خروج 8: 1 حيث نقرأ: »قال الربّ لموسى، أدخل إلى فرعون وقل له هكذا يقول الربّ، أطلق شعبي ليعبدوني«. يتكّرر هذا التصريح مرّات عدّة في سفر الخروج. في الأصل العبريّ تشتقّ عبارة »عبوداه« وفعل »عباد« من الجذر عينه. وهما يعنيان الأمر عينه، فجذر »عباد« يعني »عمل« و"»كان عبدًا لفلان«. توجّه سفر الخروج أن يكفّ بنو إسرائيل عن »العمل لفرعون« ليعملوا »للربّ إلههم«.

هذا التوتّر بين خيار الإنسان (هنا العمل لفرعون) ومشيئة اللَّه (أن يعمل الإنسان له)، بين اتّباع القرار الإنسانيّ أو الأمر الإلهيّ، ميزة بارزة في الروايات الكتابيّة السابقة للخروج. غير أنّ سفر الخروج يضيف إليها صيغة مهمّة، وهي أنّ الابتعاد عن اللَّه يؤّدي إلى العبوديّة القاسية، فيما اتّباعه عبادة مقدّسة. سوف أحاول في ما يأتي أن أشير إلى أبرز العناصر التي تساعدنا على توضيح النقيضين اللذين يشير إليهما سفر الخروج وهما عبوديّة فرعون وعبادة اللَّه، باعتبارهما، في نظري، الموضوع الرئيس في سفر الخروج.

٣- خروجٌ لعبادة اللَّه

من بدء رواية الخروج، منذ أن تراءى الربّ لموسى في العلّيقة المحترقة، تشدّد قصّة الخروج على العلاقة المباشرة لهذا الحدث مع عبادة اللَّه. في خروج 3: 12 نقرأ التصريح الآتي: »فقال إنّي أكون معك، وهذه تكون لك العلامة أنّي أرسلتك، حينما تخرج الشعب من مصر تعبدون اللَّه على هذا الجبل«. ما يبدو غريبًا في هذا التصريح هو أنّ اللَّه يعطي علامة تعزّز مصداقيّة موسى لن تتحقّق حتّى يكون الشعب قد خرج من مصر. في العادة تعطى علامة المصداقيّة قبل أن يتمّ أيّ فعلٍ، حتّى يعرف أنّ هذا الفعل موجّه نحو غاية معروفة ومضمونة. في حالة الخروج لن تتحقّق هذه العلامة إلاّ بعد أن يتمّ الفعل. يصعب فهم هذا التصريح الذي يقيم مصداقيّة موسى بعد الفعل لا قبله، من دون أن ندرك معنى العلامة ذاتها ومضامينها؛ يقول النصّ »حينما تخرج الشعب من مصر تعبدون اللَّه على هذا الجبل«. الحقيقة أنّ العلامة هي، بالضبط، »عبادة اللَّه« بعد الخروج. نفهم غرابة النصّ حين ندرك أنّ موضوع عبادة الله هو الموضوع المركزيّ. فغاية الخروج الحقيقيّة »عبادة اللَّه«. ذكرت آنفًا التضادّ بين »عبوديّة فرعون« و»عبادة اللَّه«. هذا التضادّ موضوع أساس يميّز مفهوم الخروج في الكتاب المقدّس. سوف أبيّن في ما يأتي أنّ سفر الخروج يصوّر الخروج من مصر والمسيرة في البرّيّة كخدمة ليتورجيّة مستمرّة، مركزها »حضور الربّ«.

٤- المكان المقدّس

يظهر سفر الخروج الفرق بين مصر والبرّيّة وذلك في الطريقة التي يقدّم فيها لرواية العلّيقة المحترقة. في البدء، نقرأ ما يأتي، »وأمّا موسى، فكان يرعى غنم يثرون حميه، كاهن مديان... فساق الغنم إلى وراء البرّيّة، وجاء إلى جبل اللَّه حوريب«. هذه الجملة غنيّة بالمضامين:

١- تشدّد على تغيير الأمكنة: من مديان إلى البرّيّة، وتاليًا من مصر إلى البرّيّة. هذا التغيير الجذريّ في الأمكنة من ميزات سفري التكوين والخروج الأساسيّة. غير أنّ العنصر الجديد في روايتنا هذه هو أنّ التغيير في الأمكنة هنا مربوط بظهور إلهيّ. »المكان الجديد« الذي انتقل إليه موسى »مكان مقدّس« يجري اللَّه فيه ظهوره الأوّل، أي أنّه المكان الذي يكشف اللَّه فيه عن نفسه معلنًا اسمه وقصده، »لا تقترب، انزع نعليك من رجليك، لأنّ المكان الذي أنت واقف فيه أرض مقدّسة« (3: 5). ما بقيت البرّيّة، تبعًا لسفر الخروج، ملجأ للمجرمين ومخالفي القانون، أو مكانًا للرعي، بل هي، أساسًًا، مطرح لظهور اللَّه. هذا الظهور هو الذي يغدق القداسة على المكان. نعرف أنّ عبارة »مكان مقدّس« تطلق عادة على الهياكل والمذابح في الشرق القديم، وهي أمكنة كان يعتقد أنّها تخصّ الألوهة. هنا ليس الهيكل أو المذبح مكانًا مقدّسًًا، بل البرّيّة وجبل حوريب تحديدًا.

٢- يدعى حوريب هنا جبل اللَّه. الحقيقة أنّ القداسة مربوطة بظهور اللَّه في خروج 3: 1 يتوازى ظهور اللَّه في العلّيقة المحترقة مع ظهوره على جبل حوريب.

٣- الملاحظة الثالثة والأهمّ في هذه الآية تكمن في ذكر رعي الغنم الذي كان يقوده موسى. يذكّرنا هذا الموضوع بموسى وهو يقود شعب إسرائيل إلى خارج مصر إلى البرّيّة عينها التي فيها العلّيقة المحترقة وجبل حوريب. شعب إسرائيل سيكون القطيع الذي سيقوده موسى إلى البرّيّة حيث سيظهر اللَّه ويعلن شريعته.

التغيير في الأمكنة وقداسة المكان الجديد وموضوع القطيع، كلّها مسائل تضع القارئ في جوّ »ليتورجي«: انفصال الجماعة من العاديّ والعالم الدهريّ، التكريس الكامل للَّه وحضوره. طبعًا، في سياق الظهور في العلّيقة المحترقة يعلن اللَّه بأنّه سوف يخلّص إسرائيل من العبوديّة، ويعلن العلامة التي ذكرناها آنفًا، وهي أنّ الشعب سيعبده حالما يبلغ »هذا الجبل«.

٥- موسى نبيّ اللَّه

كما أنّ ظهور اللَّه في الهيكل لأشعياء جعله رسولا له نبيًّا، هكذا أقام ظهور اللَّه في العلّيقة المحترقة في البرّيّة موسى رسولاً للَّه لا سابق له، ذلك بأنّه عبره سوف يتمّ اللَّه خلاصه الكبير. الواقع أنّه في السياق المباشر للظهور في العلّيقة المحترقة لا يسمّى موسى نبيًّا، بل ثمّة إلماح إليه بكونه رسول اللَّه. غير أنّ ثمّة ملاحظة أساسيّة هنا يجدر ذكرها؛ عادة، يكون »الكاهن« هو الوجه الأساس في سياق عباديّ. كما نعرف من خدم هيكل أورشليم ومن العادات الدينيّة في الشرق القديم، كان الكهنة مسؤولين عن إمامة العبادة وعن إدارة »مكان اللَّه المقدّس« (أنظر 1صموئيل 1- 3؛ عاموس 7: 10،...). غير أنّ مكان اللَّه المقدّس في العلّيقة المحترقة يديره اللَّه مباشرة، فلا كاهن فيه، بل على العكس ثمّة إشارات إلى إبعاد الكهنة ووظيفتهم عن هذا المكان وهذا نتبيّنه في ما يأتي:

١- كان يثرو، حمو موسى، كاهن مديان، لكنّه لا يؤدّي أيّ دور في روايتنا.

٢- كان هارون، شقيق موسى، كاهنًا، من سبط لاوي الكهنوتيّ. غير أنّ لا دور له في رواية الظهور. وهو يأتي بعد موسى ويصير مساعدًا له، »فحمي غضب الربّ على موسى وقال، أليس هارون اللاويّ أخاك؟ أنا أعلم أنّه هو يتكلّم، وأيضًا ها هو خارج لاستقبالك. فحينما يراك يفرح بقلبه. فتكلّمه وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه وأعلّمكما ماذا تصنعان. وهو يكلّم الشعب عنك، وهو يكون لك فمًا وأنت تكون له إلهـًا« (خروج 4: 14- 16). تظهر هذه الآية أنّ موسى هو الذي يؤدّي الدور الرئيس في تحقيق مشيئة اللَّه وأمره، أمّا دور هارون، فيقتصر على مساعدته.

نجد هنا أنّ »السياق العباديّ« لا يتمّ من طريق الكهنة، كما العادة، بل اللَّه يتمّه بنفسه بواسطة رسوله. يتّفق هذا مع الخطّ العامّ في تعليم العهد القديم، حيث اللَّه نفسه ينظّم عبادته بنفسه. أمّا البشر، فيشتركون فيها. غير أنّ الأهمّيّة تعطى هنا لكلمة اللَّه. تغيب الذبائح كلّيًّا عن هذا السياق، ومعلوم أنّ الذبائح كانت العنصر الأساس في عبادة الشرق القديم وفي الطقوس اليهوديّة.

اعتقادي أنّ تغييب الذبائح هنا مقصود يراد منه أن تستبدل بالكلمات الذبائح. هذا هو السبب الذي يفسّر تغيير دور هارون اللاويّ من تقديم الذبائح إلى مساعدة موسى في تحقيق كلمة اللَّه، نتيجة لظهوره. لاحقًا، حين اشترك هارون في صناعة العجل الذهبيّ، اعتبر هذا الفعل لعنة على كلّ من شارك في هذه الوثنيّة المرذولة.

٦- الفصح

يصوّر عبور البحر الأحمر احتفاليًّا في خروج 4. يرتبط هذا العبور ارتباطًا وثيقًا في النصّ الكتابيّ بعبور آخر، ألا وهو عبور روح الربّ على بيوت مصر. نرى في خروج 12 أنّ عيد الفصح يوصف وكأنّه العيد الرئيس الذي على الإسرائيليّين أن يحتفلوا به كلّ سنة تذكارًا للخلاص الذي يتمّه اللَّه في الخروج (خروج 13: 14). يلفتنا أنّ تعييد الفصح، استذكارًا لنجاح الخروج، حصل في مصر، قبل عبور البحر الأحمر. بكلمات أخرى: دشّن انتصار اللَّه على فرعون في الضربة الأخيرة عهدًا ستكون فيه أعمال اللَّه، التي ستحصل لاحقًا في الرواية، ناجحة دائمًا. هذا يعبّر عنه في الاحتفال بالفصح الذي يتناغم مع ما قلناه سابقًا حول العلامة التي أعطاها اللَّه لموسى. لا تفهم إلاّ في سياق ليتورجيّ. هذا ينقلنا إلى محاولة تعريف ماهيّة الليتورجيا: إنّها تذكار لخلاص اللَّه من طريق إخبار ما فعله اللَّه بكلمات. هذا التعريف البسيط والأساس في آنٍ هو في أساس مفهوم الليتورجيا في سفر الخروج في رأيي. في هذا السفر نجد تذكارًا لخلاص للَّه في رواية هذا الخلاص. الاحتفال بالفصح يأتي ليربط التذكار بالحدث. أن تخبر عن أعمال اللَّه يعني أن تعيشها احتفاليًّا وتأخذ من بركاتها (13: 16).

٧- الشريعة

يأتي إعلان شريعة اللَّه في خروج 20- 22 ليشكّل أوجًا للرواية. يأتي مباشرة بعده الكلام على خيمة الاجتماع التي تمثّل حضور اللَّه وسط شعبه (خروج 24- 31). يمهّد لها التقديس والتطهير بطقوس يجريها موسى (خروج 19: 14- 19) على الشعب والكهنة على السواء. رهبة المشهد يعبّر عنها بأن يترك الشعب والكهنة بعيدين عن الجبل حين يعلن اللَّه شريعته (خروج 19: 20- 25). هذه الخلفيّة الطقسيّة التي ترافق إعلان الشريعة تفترض قبولاً للشريعة من قبل جماعة تتألّف من الإسرائيليّين والكهنة مع موسى رأسهم. من الآن فصاعدًا يمكن الكلام على جماعة الخروج. كان القصد من طقوس التقديس والتطهير أن تكرّس الجماعة للَّه كجماعة »مصغية«. وسوف تتعزّز فكرة الجماعة بعد إعلان الشريعة في صورة الخيمة. يكتمل المشهد بخيمة الاجتماع: اللَّه في الوسط، وحوله موسى وشيوخ إسرائيل، محاطين بالشعب: اللَّه يتكلّم، وموسى يبلّغ الشعب الذي يدعى إلى الطاعة. هذا مشهد ليتورجيّ بامتياز.

نحن باختصار في البرّيّة نشاهد احتفالاً مقدّسًًا مركزه اللَّه وكلمته. معنى الخروج الحقيقيّ ينكشف هنا. في الاحتفالات الأخرى المركز هو اللَّه وذبائحه والكهنة يتمّمون الطقوس. أمّا هنا فالمركز هو اللَّه وحده وكلمته، والرسول الذي يبلّغ هذه الكلمة. هنا يتشكّل معنى ظهور اللَّه في البرّيّة: ظهر اللَّه لكي يؤسّّس جماعة جديدة على أسس جديدة بالكلّيّة، جماعة تكون دومًا خاضعة لكلمته، مطيعة لها. لا شيء لها سوى الكلمة التي تسودها وتقضي فيها.

٨- الليتورجيا مكان الدينونة

في سياق الجماعة الملتئمة حول اللَّه الذي يعلن كلمته يحصل أمر سلبيّ: في الوقت الذي يتقبّل موسى الشريعة على الجبل المقدّس، يصنع الشعب عجلاً ذهبيًّا ويعبدونه، قائلين فيه إنّه الإله الذي أخرجهم من أرض مصر. ينتج من فعلتهم هذه دينونة اللَّه وقتل الذين اشتركوا في هذه الصنميّة والخيانة (خروج 32- 34). تريد هذه الرواية أن ترينا كيف ينبغي أن تكون عبادة اللَّه طاهرة. وحدها كلمته هي المخلّصة. كلّ ابتعاد عنها لاتّباع إله آخر أو التفكير في اللَّه على نحو يختلف كمّا أعلنه يؤدّي إلى الحكم. ما من أحد يقدر على أن يشترك في البركات، وما من أحد يستحقّ أن يكون من الملتئمين حول اللَّه الفاعل هذه البركات كلّها، ما لم يكن بالكلّيّة للَّه وكلمته. سيزال الخطأة من وسط الجماعة. الدينونة عنصر آخر يظهر أنّ مشهد الخروج والمسيرة في البرّيّة مشهد ليتورجيّ.

خاتمة

مفهوم الليتورجيا هذا كما جاء في الخروج وجد طريقه إلى كتابات العهد الجديد وممارسة المسيحيّين. ففي رسائل بولس اللقاء الليتورجيّ للجماعة هو المكان الذي يجري اللَّه فيه دينونته، »لأنّ الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميّز جسد الربّ« (1كورنثوس 11: 29). الواقع أنّ موضوع الأكل والشرب حاضر بقوّة في خروج 16- 19. ففي هذه الفصول يطعم اللَّه جماعة إسرائيل من طعام ومشرب آتيين من لدنه. وظيفة هذا الطعام والشراب أن يظهر قدرة اللَّه على أن يحفظ الإسرائيليّين في البرّيّة وأن يمهّد لإعلان الكلمة في الشريعة، المأكل والمشرب الحقيقيّ للإسرائيليّين. هذه الكلمة تمكّن الشعب من الاستمرار مهما كانت الظروف. كلّ محاولة للتفتيش عن مصدر آخر للاستمرار يودي إلى الهلاك والدمار. l

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search