2013

8. وما قال في وعظ الرجال ارتجالاً - الأب د. ميشال (سابا) – العدد الأول سنة 2013

 

وما قال في وعظ الرجال ارتجالاً

الأب ميشال سابا

 

 

» قَصِيدَةٌ كُتِبَتْ فِي غِبْطَةِ بَطْرِيَرْكِ أَنْطَاكِيَا وَسَائِرِ المَشْرِق،

كِيرِيُوسْ كِيرِيُوسْ ﴿ إِغْناطيوس الرَّابـع

الجَزِيلِ الطُّوبَى .. وَالكُلِّيِّ الإِحتِرَامِ  «.

 

 

نُبُـوغٌ  تَنَامَى فِي سِبَاقِ التَّفَاضُـــلِ

                   فَأَوْجَبَ نَبْـذَ الحَاسِــــدِ المُتَضَائِـــــلِ

ذَكَـــاءٌ  بَـــدَا دَلَّتْ عَلَيْهِ دَلائِـــــــلٌ

                   وَإِنْ أَنْكَرَتْـهُ غُصَّـةُ المُتَجَاهِــلِ

أَتَاكَ غَرِيبَ الدَّارِ يَشْـغَلُهُ العُلَــــى فَمَيَّزَهُ

                    عَقْــلٌ عَلَـى المُتَزَامِـــلِ

لأَمْـــرٍ، عَلَى دُنْيَا السَّوَابِقِ قَدْ سَمَتْ

                   نُفُوسٌ تَخَطَّت فُضْلَيَاتِ الأَوَائِـــــــلِ

فَكَانَتْ نِثَــــارًا كَالنُّجُومِ عَلَى الثَّرَى

                   طَوَالِبَ عِلْمٍ مِن عِذَابِ المَنَاهِــلِ

يَكَادُ يُعِيقُ المَرْءَ تَأْثِيرُ قَوْمِـهِ

                   فَيُنْقِذُهُ مَرْأَى المَـــــدَى المُتَطَاوِل

إِذَا الأَسْرُ أَمْسَى لَـذَّة المُتَشَاغِـل

                   فَهَــمُّ قَنِيص الطَّيْرِ فَــك الحَبَائِـــــلِ

طُمُوحٌ أَشَــــادَ المَجْدَ مِنْ مَعْقِلِ الرُّؤَى

                    فَكَيْفَ بِهِ مِن  بَعدِ دَكِّ المَعَاقِــلِ ؟

وَلِلمَجدِ سِرٌّ إِن   قَدِرْت وُلُوجَـــــــــهُ

                   تَمَيَّزْتَ عَنْ كُلِّ الأَنَامِ   الغَوَافِــــلِ

 

نَثَرْتَ نُجُومًا فِي ذُرَى المَجْدِ وَمْضُهَـــا وَخَلَّفْتَ

                   مُـزْنًــــا دَفْقُهَـا زَادُ رَاحِـــلِ

فَإِنْ أَبْرَقَتْ أَوْفَتْ وَإِنْ أَرْعَـدَتْ هَمَتْ وَإِنْ

                   أَغْدَقَتْ رَوَّتْ نُفُوسَ القَبَائِـــلِ

إِذَا جَادَنَا غَيْثٌ فَأَنْتَ مِيَاهُـــــــــهُ نَـدَى

                   البَحْرِ مِفْضَالٌ عَلَى كُلِّ هَاطِـــلِ

تَوَاضَعْتَ حَتَّى زَادَ قَدْرُكَ رِفْعَـــــــــةً عَلَوْتَ

                   فَمَا نَجْمٌ إِلَيْكَ   بِوَاصِــــلِ

وَلا يَسْتَبِينُ العِـــزُّ فِيكَ لِحَاسِــدٍ

                   حَيَـاءٌ على قَدْرِ العُلَى المُتَزَامِــــلِ

لَكَ الفِكْرُ مَعقُودٌ بِنَاصِيَةِ الرُّؤَى

                   فَجَلَّكَ هــذَا الخَلْقُ مَرْبَى الفَضَائِـــلِ

تَحُفُّ بِكَ الدُّنْيَا كَأَنَّكَ مِحْــوَرٌ

          وَيَحْبُو إِلَيْكَ الجَمْعُ حَبْو مُسَائِــلِ

فَعِنْدَ  بُلُوغِ العِلْمِ مَبْلَــغَ لُجَّــــــةٍ

                   تُدَانِيــه أَجيَالٌ دُنُـوَّ السَّوَاحِـــلِ

فَصَمْتُكَ وَحـيٌ نَاطِقٌ بِفَوَاضِــــلٍ

                   وَعِلْمُكَ إِشْـبَاعٌ لِنَهْمَةِ نَاهِــــلِ

حَثِيثُ الدَّوَاعِي لا يُجَارَى جَنَاحُـــهُ كَنَسْر 

                   تَسَامَى فِي رْتِيَادِ  المَجَاهِـلِ

تَنَاهَى إِلَى العَلْيَاءِ مِنْ كُلِّ مَصْعَدٍ فَأَرَّقَــهُ

                   نَقْصُ البُدُورِ الكَوَامِـــلِ

هُمَامٌ إِلَى مَا تَقْتَضِي مِنْهُ هِمَّــــةٌ يُرِيك

                    بُلُوغَ المَجْدِ صُنْع الأَنَامِــلِ

وَتُؤْنِسُهُ شُـمُّ المَعَالي قَرَابَـــــــــة

                    وَيُسْعِدُهُ فِي الخَلْق أَهْــلُ النَّوَافِـــــلِ

صُـرُوحٌ لَهَا فِي مَبْعَثِ الفِكْرِ صَوْلَـــــةٌ

                         تُشَاد عَلَى بَـــذْلٍ مَتِين الكَوَاهِـــلِ

لَهُ الفَضْلُ بَعد للَّهِ فِي مَــا أَجَـــادَهُ

                   فَسِحْرُ العَطَـــــا: فِي البَاذِلِ لمُتَسَاهِـــلِ

عَلَى صَخْرَةِ الإِيْمَانِ مَبْنَى شُمُوخِـــهِ

                    لَكَـمْ فَاقَتِ الصَّلْصَالَ  صُلْبُ الجَنَــادِلِ

أَبَيْتٌ عَلَى صُمِّ الصُّخُورِ أَسَاسُهُ كَمِثْلِ

                    مَشِيدٍ فَوْقَ رَمْـل مُخَاذِلِ ؟

فَمَنْ رَامَ إِبْدَال الصُّخُور بِرَمْلَةٍ

                   أَضَرَّ بِـــهِ دَفْـق الغُيُوثِ الهَوَاطِــــلِ

مَهَابَتُـهُ، لامِنْ لِبَاسٍ يَجُــــــــــرُّهُ فَمِنْ

                   شَخْصِهِ وَشْيُ الثِّيَاب الرَّوَافِــــــــــلِ

لَهُ مَحْضَرٌ فِي كُلِّ مَلْقًى، إِذَا بَــــــــدَا

                    تَرَامَتْ إِلَيْه أَعْيُن فِي المَحَافِــــــلِ

وَيَسْتَصْغِرُ الدُّنيَا وَإِنْ رَحُبَتْ بِـــــــهِ وَيَهْزَأُ

 

                   بِالرُّكْبَانِ هُـزْءَ الهَوَاجِــلِ(١)

فَفِي النَّفْسِ عَنْ نَهْمِ الحَيَاةِ مَزَاجِــرٌ

                   وَفِي مُقْلَتَيْهِ عِفَّـةُ المُتَكَامِـــلِ

فَمَنْ كَـانَ يَصْبُو لاقْتِنَاصِ جَــــوَارِح

                   تَشَاغَلَ عَن صَيْد الطُّيُورِ الغَوَافِــــــلِ

وَمَاطَلَ فِي صَحْو الكَنِيسَةِ دَهْرُنَـا

                   فَبِتْنَا نُرَجِّي نَهْضَةَ المُتَثَاقِــــلِ

وَلا تُقْتَنَى الآمَالُ مِنْ يَدِ قَانِـــــطٍ

                   فَمَا الدَّهْرُ مِنْ يَأْس الحَيَاةِ بِنَائِــــلِ

وَإِنْ أَبْرَقَتْ لا تَحْسَبِ الفَجْرَ بَازِغًا

                   أَيُرْجَى الضُّحَى مِنْ بَارِقَاتِ الأَصَائِـــلِ؟

وَمَنْ يَدَّعِي بِالكِبْرِ أَضْعَافَ قَــــــــدْرِهِ

                   فَحَاجَتُهُ فِي بَيِّنَاتِ التَّفَاضُـــــــلِ

فَجِئْتُمْ كَوَفْدِ الرِّيحِ مَقْصِدُهُ الـذُّرَى

                   فَكَانَ رِفَاقُ الدَّرْب بَــــدْءَ القَوَافِــــــل

فَأَنْت سَمَاءٌ وَالنُّجُومُ قِلادُهَـــــــــــا فَكُنْتُمْ    

                   شِفَاءَ المُدْنَفِ المُتَمَاثِــــــــل

تَمَخَّضْتَ عَنْ قَــــوْمٍ فَأَرْهَفْتَ حَدَّهُـم

                   وَمَا يَصْقُلُ الأَسْيَافَ غَيْرُ الصَّيَاقِـــــلِ

وَلا يَصْنَعُ الأَمجَـادَ إِلاَّ رِجَالُهَــــــــا

                   فَمَا نَــــوَّرَ الظَّلْمَاءَ غَيْرُ المَشَاعِــــــــلِ

فَسِمْتَ رِجَالاً نَيِّرَاتٍ عَلَى الدُّنَــــــى

                   زَرَعْتَهُمُ فِي قَاصِيَاتِ المَجَاهِــــــلِ

سَقَيْتَ، وَفي المَوْلَى رَجَاءُ نُمُوِّهِـــــم

                   كَمَا الحَبُّ  يُرْجَى مِنْ حَصِيدِ السَّنَابِـــلِ

فَلا أَنْتَ فِي هذِي الحَيَاةِ بِدَائِـــمٍ

                   وَلا أَنْتَ مِنْ فِكْرِ الزَّمَانِ بِزَائِــلِ

فَدُمْ يا سَلِيلَ الرُّسْلِ وَالأَبُ وَاحِـــدٌ

                   وَإِنْ أَنْكَرَتْ أُمٌّ عُهُودَ الأَوَائِــــلِ

تَدَانَتْكَ فِي بَذْلِ العَطَاءِ أَفَاضِلٌ

                   وَفَضْلُكَ مِفْضَالٌ عَلَى كُلِّ فَاضِــــلِ

إِذَا قِيسَ بِالإِجلالِ مَنْ وَطِىءَ الثَّــرَى

                   فَأَنْتَ الثُّرَيَّـا فِي عُلُـوِّ    المَنَـــــــــازِلِ

وَلِلرُّومِ فِي مَسْرَى الزَّمَانِ نْتِكَاسَــــةٌ

                   فَأَثْبَتَّ أَنَّ الرُّومَ فَخْـرُ القَبَائِــــــــلِ

عَلَى الأُفْقِ أَرْوَامٌ تَنَاثَـرَ جُلُّهُــــــــمْ 

                   تَنَاثُـرَ أَصوَاتِ الصَّدَى المُتَوَاصِـــــــــلِ

فَــدُمْ بَطْرِيَرْكَ الرُّومِ وَالرُّومُ أُمَّــــــــــــــــــةٌ

                   أَبَادَتْ لَهِيبَ الشِّرْكِ مِنْ كُلِّ عَاقِـلِl

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search