2012

04- بدعة Halloween وعيد القدّيسة بربارة - الأب يوحنّا (ياسمين) – العدد الثامن سنة 2012

بدعة هالويين وعيد القدّيسة بربارة

يوحنّا ياسمين

 

ما الفرق بين ما يسمّى بالهالويين وعيد العظيمة في الشهيدات القدّيسة بربارة؟

ها هي الزينة الداكنة والدمويّة تنتشر والإعلانات عن الحفلات بهذه المناسبة تدعو الجميع إلى الاحتفال بـهالويين الذي يعتقد الكثيرون أنّه ذاته عيد جميع القدّيسين أو عيد القدّيسة بربارة .

هل نعرف حقيقة هذه البدعة؟

هل نعرف أنّ هذا هو العيد الرسميّ للسحرة في العالم وللجماعات التي تدّعي عبادة الشيطان؟

هل نعرف أنّنا نخلط بين عيد القدّيسة بربارة وبهرطقة هالويين وعيد جميع القدّيسين؟

هل نعرف أنّنا عندما نقيم حفلات تنكّريّة في هذه المناسبة، نساهم في بنشر الشرّ والخوف من حيث لا ندري نفسد براءة أطفالنا واندفاع شبابنا؟

هل نعرف أنّنا، ببيعنا أو شرائنا هذه الأقنعة البشعة والدمويّة المخيفة، نسهم، مادّيًّا، مع تلك الجماعات التي تسعى إلى تحطيم الإيمان في النفوس؟

تعالوا معًا نتعرّف إلى مصادر هذا العيد وتاريخه، واهدافه، وكيف تحوّل من رواية ميثولوجيّة إلى ممارسة فولكلوريّة تخبّئ في طيّاتها طقوسًًا شيطانيّة هدّامة، وكيف أصبحت أداة لأعداء الإيمان بهدف إبعاد المعاني المسيحيّة عن عيد القدّيسة بربارة.

أوّلاً: الميثولوجيا السِلتيّة:

Halloween كما نعرفه اليوم رواية ميثولوجيّة كان يعيشها سنويًّا الشعب السِلتيّCeltes،، وهو شعب عاش في أوروبّا الغربيّة في أواخر العصر البرونزيّ، أي نحو السنة 1500 قبل الميلاد. عبد مجموعة كبيرة من الآلهة، وكان يؤمن بعدم موت الروح، أحاطت به العديد من الأخبار والميثولوجيّات التي ما زالت موجودة حتّى اليوم خصوصًا في إيرلندا.

تخبرنا هذه الميثولوجيا في إيرلندا عن الإله  Samhain إله الموت والبرد، الذي كان يأتي مع مجموعة من أرواح الموتى في ليل 31 تشرين الأوّل من كلّ سنة وهو رأس السنة عند السِلتيّين وآخر يوم من فصل الصيف، قبل أن يبدأ فصل الموت والبرد والظلام، يأتي هذا الإله مع أرواحه للتفتيش عن أجساد أشخاص أحياء ليتملّكوها، ما يخلق ذعرًا بين القرويّين.

كان كهنة الهالويين، في هذه المناسبة، يُعدّون احتفالاً طقسيًّا، فيُشعلون نارًا كبيرة في القرية، وينطلقون إلى كلّ البيوت يوزّعون لسكّانها نارًا مقدّسة يضعونها على شبابيك بيوتهم لطرد الأرواح، ويجمعون من كلّ عائلة التقدمات لإرضاء الإله، وأحيانا تكون التقدمات بشريّة، وإذا رفض البيت تقديم ما عليه، تحلّ اللعنة فيه K وهذا أساس ما هو معروف اليوم بـ(Trick or Treat) أي اعطونا وإلاّ حلّ الشرّ بكم .

كان الكهنة، بهدف إنارة طريقهم، يحملون خضار »اللفت« Navet مفرّغة من وسطها ومحفورًا عليها شكل وجه، يضيئونها عادةً باستعمال الشحم البشريّ من التقدمات السابقة.

وبما أنّ الأحياء يخافون أن تمتلك الأرواح أجسادهم، كانوا يطفئون النار من داخل بيوتهم، ويلبسون ثيابًا غريبة من رؤوس الحيوانات وجلودها، بالإضافة إلى إصدار ضجّة وأصوات قرع لإخافة الأرواح المقتربة.

وكان كهنة الأوثان يحرقون الأجساد التي تتملّكها الروح كجزاء لهذه الروح؛ أمّا عن سبب استعمال الكهنة خضار »اللفت« للاستنارة، فتخبرنا إحدى الروايات عن شخص اسمه »جاك« طُرد من السماء وجهنّم في آن واحد، فهام على وجهه في الأرض، ولم يعرف كيف يذهب. ولكي يعزّيه الشيطان في مصيبته، أعطاه قطعة حطب مشتعلة وضعها جاك داخل خضار »اللفت«، لينير طريقه في الليل. ولذلك اليوم يُطلق الأميركيّون على »اليقطينة« المستعملة في عيد الهالويين Jack-o-lantern.

ثانيًا: التعديلات الرومانيّة:

بعد احتلال أوروبّا، وبما أنّ أوّل تشرين الثاني يصادف عيد الحصاد والآلهة Ponoma إلهة الفاكهة والأشجار والزهور، أخذ الرومان تقاليد السِلتيّين وأضافوا إليها خصوصيّاتهم، فأدخلوا التفّاح على المناسبة (كان يرمز إلى (Ponoma ويُعتقد أنّهم أيضًا سبب إدخال اليقطين بدل اللفت.

ومع الوقت، أخذت هذه الاحتفالات طابعًا طقسيًّا، وتعزّز الإيمان بالأرواح وتملّكها البشر، وانتشرت عادات لبس الثياب المخيفة .

ثالثًا: دخول المناسبة إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة وتحوّلها إلى الـHalloween

السنة 1840، أدخل المهاجرون الإيرلنديّون هذه التقاليد إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة، وما لبثت أن انتشرت ولاقت رواجًا وشهرة فائقة في القرن التاسع عشر.

سُمّيت هذه المناسبة  Halloween، وهو اسم أُعطي، في البلاد الأنغلوفونيّة، لليلة 31 تشرين الأوّل- استنادًا إلى اسم عيد جميع القدّيسين باللغة الإنكليزيّة All Hallows Eve أي ليلة (Evening) كلّ القدّيسين  .All Hallows

تأخذ اليوم المناسبة طابعًا ترفيهيًّا، فيلعب الأولاد بالتفّاح. ولطرد الأرواح، يضيئون »القرع أو اليقطين«. بعد تفريغها وحَفر عليها شكل وجه إنسان Jack-o-lantern، يتنكّرون بثياب الأشباح والوحوش والحيوانات والهياكل العظميّة والسحرة والشياطين وكلّ ما هو مخيف، يقرعون على الطبول »والتَنَك« مُحدثين ضجّة كبيرة، ويطرقون أبواب البيوت لجمع الحلوى قائلين (Trick or Treat)، أي إن لم تعطونا تحلّ اللعنة عليكم، (كما كان يفعل الكهنة الوثنيّون لجمع التقدمات لإله الموت)، واللعنة تكون هنا مزحة أو مقلبًا يوقعون به من لا يعطيهم ما يطلبون (آثار هذه الممارسة المغلوطة موجودة عندنا أصلاً في عيد البربارة (ممارسة Trick or Treat)، وقد دخلت الولايات المتّحدة الأميركيّة على يد العمّال الإيرلنديّين الذين سعوا للحصول على المال  عبر التهديد والقوّة وإلاّ الموت.

رابعاً: هو أهمّ أعياد البدع الشيطانيّة ورأس السنة عند السحرة:

قد تكون هذه المناسبة، في شكلها، فولكلورًا يرافقه المزاح والمقالب، لكنّنا يجب أن ننتبه إلى أنّها، في شكلها وعمقها وأهدافها، أصبحت تستغلّها البدع، التي تدّعي عبادة الشيطان، وتسعى إلى تدمير الأديان وقيم البشر عبر ممارسات عدّة، منها إبدال أهمّ الأعياد في المسيحيّة بعادات وثنيّة شيطانيّة، غلافها فرح وضحك وترويح عن النفس. فيُعتبر عيد البدع الشيطانيّة أنّه يوم الشيطان الذي تُقدَّم فيه تضحيات بشريّة خصوصًا في الولايات المتّحدة وأوستراليا، إنّه يوم رأس السنة عند السَحَرة.

فلنتحمّل مسؤوليّتنا:

في الختام، نناشد المعنيّين في الدولة، والأهل والمربّين والمعلّمين في المدارس والجامعات ورجال الدين، وكلّ من يُعنى بالقيم والإنسان، دعونا لا ننجرّ إلى هذا الفولكلور المُدمِّر بحجّة التمدّن والانفتاح والتسلية، تعالوا معًا نقطع الطريق عليه وعلى أصحابه، فنحوّل أولادنا عن شراء كلّ المنتوجات المخيفة والشيطانيّة من أزياء تنكّريّة وغيرها إلى ما هو مفيد، تعالوا نشرح لأولادنا مضارّ هذه الممارسات ومساوئها التي ستكون مقدّمة لهم لممارسات عظمى في المستقبل.

ألم تسمعوا بسرقة القربان المقدّس من الكنائس؟ ألم يخبركم أحد عن شبيبة تحتفل بالقدّاس الأسود بين القبور في لبنان، وتنادي أرواح الموتى؟ ألا تعرفون أنّ هناك جماعات من الشبيبة تنادي الشيطان سيّدًا لها عوضًا من اللَّه، وتقيم شعائر دينيّة وطقوسًًا شيطانيّة مستعينة بكلّ الأطر الخارجيّة، التي تحوط بعيد Halloween وغيره، من ثياب سَحَرَة وشياطين ومصّاصي دماء وهياكل عظميّة، وإشارات ورموز لا تنتهي؟

لم يصل أولئك الشباب إلى هنا إلاّ بعد تربية تستخفّ بتلك المظاهر التي غالبًا ما قلنا عنها: »بسيطة، وَلَوْ ما بدها هالقد...«، فيعتادها الولد في صغره، ويسهل عليه اعتناقها في شبابه.

هذا العيد هو نداء السماء لنا، هو نداء للمؤمن لكي يتطلّع نحو السماء. ضعوا القداسة هدف حياتكم الأوّل لإعداد مستقبل مغمور بالخير. يمكنكم الاستفادة في جهادكم من فضائل القدّيسين الذين سبقوكم. 

من تقـاليدنا الشرقيّة في الاحتفال بعيد القدّيسة

اعتاد الكثير من أبنائنا الاحتفال بالعيد على الشكل التالي، وذلك رمزًا إلى ما يذكر في قصّتها، وهو أنّ القدّيسة رأت، وهي تصلّي، يسوع بهيئة طفل جميل الطلعة، ولكنّه ما لبث أن تحوّل منظره وتشوّه بالآلام. ولذلك في عيد القدّيسة بربارة يلبس الأطفال الأقنعة إشارة إلى رؤيا بربارة للمسيح الطفل وقد شوّه الألم منظره. ونعترف هكذا بأنّ خطيئتنا قد شوّهت براءة طفولتنا.

 كذلك يذكر أيضًا أنّ القدّيسة بربارة، عندما كانت هاربة في البرّيّة من وجه أبيها، أبصرت رعاة يسلقون قمحًا في مغارة، فطلبت منهم شيئًا من القمح، فأعطوها وأكلت منه. لذلك نحن نجتمع في عيدها ونتناول معًا القمح المسلوق تذكارًا لها (يرمز القمح المسلوق في تراث كنيستنا  إلى القيامة).

ليؤهّلنا الربّ لأن نستقبله طفلاً في مغارة بيت لحم، عسانا نعود أطفالاً من جديد في دفء المحبّة، فنذوق مسبقًا طعم القيامة.l

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search