بيروت
افتتاح حديقة سيادة المطران إلياس (عودة)
في التاسع من نيسان 2019 افتتحت بلديّة بيروت حديقة المتروبوليت إلياس (عودة) مطران أبرشيّة بيروت وتوابعها، في منطقة السوديكو، بحضور سيادة المطران إلياس وعدد من الشخصيّات السياسيّة والاجتماعيّة.
وللمناسبة ألقى سيادته كلمة هذا بعض ما جاء فيها: «من نذر نفسه للربّ لا يبتغي تكريمًا أرضيًّا أو اعترافًا بفضل أو مكافأةً على جميل. إنّه يعمل بحسب تعاليم الإنجيل وبحسب وصيّة الربّ يسوع: من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني. ومتى وضع الكاهن يده على المحراث لا يلتفت إلى الوراء ولا يتردّد بالقيام بواجبه ولو لم يعجب كلامه أو سلوكه بعض الناس، لأنّ هدفـه إرضاء اللَّه لا البشر. لذلك نحن معشر الكهنة لا نبالي بالتكريم الأرضيّ ولا نطلبه بل نطلب ملكوت اللَّه لأنّنا لا نستغني إلاّ باللَّه.... قرّر المجلس البلدي السابق إطلاق اسمي على هذه الحديقة من دون استشارتي، وعندما أبلغوني بالأمر لم أكن مرتاحًا للتسمية لكنّني فرحت بإنشاء الحديقة لأنّ عاصمتنا الحبيبة تختنق بالأسمنت، وتحتاج إلى مساحات خضراء وحدائق.
الشكر للَّه أنّ أبناء بيروت وعوا، ولو متأخّرين، أنّهم أصبحوا بلا رئة، بلا متنفّس، بلا مكان هادئ أخضر يذهبون إليه مع صغارهم ليهربوا، في المدينة، من صخب المدينة لذا، نجد بلديّـة بيروت تقوم حاليًّا بعمليّات جراحيّة في جسم المدينة، لتزرع في كلّ قسم منه رئةً تساعد أبناء المنطقة على تنفّس الهواء النقيّ، فجاءت هذه الحديقة الصغيرة هنا، ضمن هذه المبادرة، التي نطلب إلى الربّ إلهنا أن يلهم غارسيها غرس الكثير مثلها، حتّى يعود إلى عاصمتنا الحبيبة نفس الحياة الذي نفتقده.
ومثلما يحتاج أبناؤنا إلى مساحات خضراء تنقّي أجسادهم من أوساخ التلوّث، لا بدّ من التذكير بأنّهم يحتاجون إلى مساحات تنقّي عقولهم من تلوّث التكنولوجيا ومن آفات هذا العصر. لذا، أدعو غارسي الحدائق إلى غرس المكتبات العامّة حيثما يستطاع إلى ذلك سبيلاً، حتّى نحمي عقول أبناء هذا الوطن من التعليب الذي أصابها، فتعود آفاق الذهن إلى التوسّع، وعندئذ نصبح أكثر قابليّةً للمحبّة وتقبّل الآخر.
بارككم الربّ ومنحكم أيّامًا خضراء مزهرةً، كما منح نفوسكم أن تزهر أزهارًا فردوسيّةً تليق بالصورة والمثال الإلهيّين اللذين منحهما اللَّه لنا جميعًا عندما خلقنا.
فالتكريم الذي أريد لشخصي أتمنّاه لبيروت، ونحن نكرّم بيروت ولبنان كلّه عندما يحترم أبناؤه بعضهم بعضًا ويحترمون جميعهم عطايا اللَّه الكثيرة وأهمّها الطبيعة. أشكر كلّ من اهتمّ بإنجاز هذه الحديقة، وأرجو ألاّ تكون هذه الحديقة يتيمةً، وأن يتبعـها افتتاح حدائق عديدة تزيّن عاصمتنا وتمدّ أبناءها بالأوكسجين النقيّ».
أنفه- لبنان
الأمّ كاترين (الجمل) في ذمّة اللَّه
يوم الأحد الواقع فيه 24 آذار 2019، انتقلت إلى الأخدار السماويّة الأمّ كاترين (الجمل)، رئيسة دير سيّدة الناطور، أنفه.
وُلدت الأمّ كاترين السنة 1932، من أبوين تقيّين فاضلين من أصل أنطاكيّ في الميناء (طرابلس). غرس فيها أبواها محبّة اللَّه منذ الطفوليّة وكانت أمّها لتقواها أشبه براهبة في العالم. كان لعائلتها الفضل في مساعدة الأب إسحق (عطااللَّه) الدائم الذكر في الوصول إلى اليونان، لذلك كانت الأمّ كاترين تعتبر الأب إسحق أخًا لها.
درست الخياطة في إحدى المدارس في فرنسا، وكانت تقيم لدى راهبات روسيّات. لذلك كانت لها علاقة مميّزة مع الأمّ أولغا رئيسة دير (بوسّي) (Bussy) والأب بلاسيد (Deseuille). اعتادت زيارة فرنسا كلّ سنة. زارت القدس مرّتين. هناك تعلّمت خياطة المنتية الرهبانيّة والحياكة على النول، وحملت معها من هناك الكفن الذي دفنت فيه.
في تشرين الثاني 1973، سكنت الأمّ كاترين (الجمل) دير سيّدة الناطور، ومكثت فيه حتّى نهاية أيّامها. عملت طوال حياتها على إبراز دور هذا الدير الأرثوذكسيّ. وتقول في هذا السياق، إنّ الدير كان مقفرًا ومهجورًا يصلح لكلّ شيء إلاّ للسكن، لكنّي قرّرت تحويله مشغلاً تتعلّم فيه الشابّات أصول الخياطة والتطريز. العام 1976، باشرت الأمّ كاترين أعمال الترميم من مردود عملها الخاصّ في خياطة اللباس الكهنوتيّ. لكنّ احتراق مشغلها دفعها إلى مغادرة الدير والانتقال إلى فرنسا لثلاث سنوات متتالية. عادت مجدّدًا إلى الدير وتابعت ورشة الترميم، إلى أن أنجزت أعمال القسم الأخير بين 2015 و2016.
لم تخلُ أعمال الترميم من صعوبات ماليّة، وتقول الأمّ كاترين إنّه تمّت الاستعانة برهبان فرنسيّين وروس، لرسم جداريّات الكنيسة والهيكل والمدخل، وبعلماء آثار ومهندسين متخصّصين للحفاظ على طابع الدير الذي يعود إلى القرن الثاني عشر .
عن اختيارها الحياة في دير الناطور، قالت الأمّ كاترين: كنتُ عند راهبات روسيّات وشعرتُ في داخلي أنّه يجب عليّ أن أقيم في هذا الدير. كانت فيه عائلات تركته بسبب حرب 1976، وأنا غادرتُه أيضًا ثمّ عدتُ. تعرّضتُ فيه للقتل، وخفتُ قليلاً، ثمّ عدتُ فتشجّعت. الربّ يشجّع الإنسان ويعطيه القوّة إذا كان يملك الإرادة.
وفي سؤال لها لماذا تعتنين بتنمية الدير وإعماره، وما من أحد يقطنه؟. تجيب: «اللَّه كريم!. الذين عمّروا الدير أيضًا ربّما كانوا وحدهم، ومع الأيّام قطنه آخرون، ربّما بعد موتي يمتلىء هذا المكان بالناس! الربّ يعرف، أنا لا أعرف.
كتبت الأمّ كاترين وصيّتها قبل سنوات من رقادها وحفظتها في إحدى غرف الدير وتقول فيها: دخلتُ إلى هذا الدير عريانًا من بطن أمّي، وخرجتُ منه وأنا لابس أبهى حلّة ملوكيّة. أمّا رسالتها التي كانت دائمًا تردّدها وقد حفرتها بجانب إحدى إيقونات القدّيسة كاترينا فكانت: «كونوا صادقين ومحبّين وأمينين. أحبّوا من يعيشون معكم جميعًا، هذه هي الدنيا كلّها. إذا صلّيتم وصمتم ولم تحبّوا أحدًا فالأمر سيّان، كأنّكم لم تفعلوا شيئًا. هذا هو الدين بالنسبة إليّ». وقد شدّدت كثيرًا، قبل رقادها، على سيادة المتروبوليت أفرام (كيرياكوس) بأن يحفظ الدير بعد رحيلها من المظاهر العالميّة.
في رسالة تعزية وجّهها المتروبوليت فينيذيكتوس، مطران عمّان وفيلاديلفيا السابق، يقول: «لقد تعرّفت إلى الحكمة الّتي أحرزتِها من اللَّه بشفاعة شفيعتك القدّيسة كاترينا الكلّيّة الحكمة. لن أنسى زياراتي إليكِ التي تعلّمتُ فيها الكثير. كيف لي أن أنسى وقد تعلّمتُ الاتّضاع، والحكمة، والمحبّة؟. أطلب منكِ أن تذكرينا أمام عرش اللَّه. لن أقول وداعًا، لأنّني أؤمن بأنّنا سنلتقي في وطننا المحبوب وهو فردوس البهجة. ألا أعطانا اللَّه أن نلتقي في الحياة الأخرى».
جرت مراسم الجناز والدفن يوم الثلاثاء الواقع فيه 26 آذار، وقد ترأس الخدمة سيادة المطران أفرام (كرياكوس)، وعاونه لفيف من الكهنة، بمشاركة رهبان وراهبات من الأبرشيّات اللبنانيّة، وشارك أيضًا سيادة المطران سلوان (موسي) مطران أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما جبل لبنان. وللمناسبة ألقى سيادته كلمة قال فيها إنّ الأمّ كاترين أوصته بالدير قبل وفاتها، وممّا قاله: «راهبة فريدة شخصيّتها في العالم، في الكنيسة، عاشت منفردة والعالم كلّه كان يأتي إليها. لم يزعجها الانفراد، ولم تمنع العالم من أن يأتي إليها. كانت ترعاه وحدها، كانت مكتفية بذاتها لأنّها اكتفت باللَّه. لا تخاف أحدًا، كانت تخاف اللَّه وتصدّ كل عدوّ، كلّ من أراد أن يؤذي الدير وترعى كلّ محتاج. عجيب تُرى من كان يحرّكها؟ قد يظنّها البعض متكبّرة ولكن لو كان الأمر كذلك لما أعطت كلّ هذه الثمار الطيّبة. إنّها تجلب قوتها من بعيد، مثل المرأة الفاضلة عند سليمان الحكيم. كانت كلّ سنة تجول في العالم، تذهب إلى أوروبّا وأميركا. تتكلّم لغات عدّة وهي إنسانة مثقّفة تلتقط سريعًا وجه كلّ واحد وشخصيّته. جمّلت كنيسة هذا الدير من دون أن تبتعد عن التقليد الأرثوذكسيّ الحيّ. امتلأت الكنيسة بالمصلّين في الآحاد والأعياد. وعندما كنت أزورها كانت تقول لي «كن صادقًا...». الآن دخلت الأخت كاترين في راحتها، راحة المحارب شاهدة وشهيدة للمسيح. لقد قامت بواجباتها خير قيام والآن تذهب لتمثل أمام الحاكم الرحيم والعادل، تستعين بمحاميتها العذراء مريم صاحبة هذا الدير المقدّس. كلّ هذا لكي تأخذ الغنائم السماويّة ثمرة أتعابها. الآن هي في سلام جسديّ وروحيّ، في هدوء سماويّ...».
رومية – لبنان
و«بكنيسة واحدة»
أمام الوضع المتقلقل بين الكنائس الأرثوذكسيّة وخطر الانشقاق، كان لا بدّ من خطوات خجولة حينًا وجريئة حينًا آخر، في محاولة للتذكير بأنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة هي الكنيسة الأمّ، التي تختزن تراثًا غنيًّا والتي الروح القدس يسهر عليها واحدة موحّدة في العالم أجمع. وللتعبير عن هذا الإيمان المترسّخ بكنيسة واحدة جامعة، كانت أمسيّة مرتّلة بعنوان «وبكنيسة واحدة» دعت إليها جوقة أبرشيّة جبل لبنان للروم الأرثوذكس، برعاية سيادة المتروبوليت سلوان (موسي) راعي أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما للروم الأرثوذكس، وبالتعاون مع محافظ بيروت سعادة القاضي زياد شبيب ومحافظة بيروت واللقاء الأرثوذكسيّ. استضاف مسرح الراهبات الأنطونيّات في رومية هذا الحدث الفريد، وفاق عدد الحضور الألف، في مقدّمتهم السادة المطارنة إلياس (كفوري) وأنطونيوس (الصوري)، والأسقف إيليّا (طعمة). كما حضرت شخصيّات ديبلوماسيّة وسياسيّة وثقافيّة واجتماعيّة.
المميّز في هذه الأمسيّة مشاركة ثمانين مرتّلاً من جوقة الأبرشيّة، وستّة مرتّلين عالميّين من جنسيّات مختلفة هم: ديفنا ليوبوجيفيتش من صربيا، فانغيليس غيكاس من اليونان، أرسيني زايتسيف من روسيا، الأمّ مريم سكوردا من اليونان، الأب ألكسندر (غريغوراس) من رومانيا، وتيموثي ديويما من الكونغو، ومن لبنان الأب نقولا (مالك).
استهلّت الأمسيّة بكلمة لمحافظ بيروت القاضي زياد شبيب الذي عبّر عن فرحته لرؤيته هذا العدد الكبير من المؤمنين الذين جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانيّة. وأضاف: «أنّها فرحة كبيرة أن نرى ممثّلي المدارس المتنوّعة في الترتيل الأرثوذكسيّ الكنسيّ من كلّ بلاد العالم مجتمعين هنا اليوم لتسبيح اللَّه على الطريقة الكنسيّة الأرثوذكسيّة».
كما شكر لجوزف يزبك مبادرته، إضافة إلى جميع أعضاء جوقة جبل لبنان، لجهودهم الجبارة التي قاموا ويقومون بها في سبيل إحياء التراث العظيم والحياة الروحيّة في المؤمنين عبر الترنيم وتسبيح اللَّه. كما شكر أيضًا الآباء والأخوات والإخوة الضيوف الذين قدموا من البلدان المشاركة. ودعا إلى تكرار هذه التجربة واعدًا بتشجيعها وختم: «نحن في بيروت وجبل لبنان متمسّكون بتراثنا وتاريخنا، ومستعدّون دائمًا لدعم الإبداع الآن وفي المستقبل». وكانت أيضًا كلمة شكر للأمين العامّ للقاء الأرثوذكسيّ النائب السابق مروان أبي فاضل.
في نهاية الأمسيّة، شكر المطران سلوان أعضاء جوقة الأبرشيّة وقائدها الأستاذ جوزيف يزبك، كما شكر المرتّلين القادمين إلى لبنان بكلمة عبّر فيها عن معنى الرجاء الذي أضفوه بحضورهم ومعنى الرسالة التي شاءت الأمسيّة أن تعبر عنها. وختم بكلمة عبّر فيها عن معنى الوحدة التي بدت في التراتيل التي عرضت أبهى مرحلة من حياة المسيح، أي ما جرى في أسبوع الآلام حتّى أحد القيامة، وما تناولته الصور المعروضة من الكنائس الأرثوذكسيّة وبطاركتها وقدّيسيها والوحدة التي تستند إلى تاريخ كبير، بالإضافة إلى معنى وحدة الأصوات خلال الأمسيّة ووحدة الرجاء التي تجمع شعب اللَّه، الذي بمقدوره أن يعبّر عن رجائه الحيّ بكنيسته، ويسهم بشهادتها ولو في أحلك الظروف.
الهند
معموديّة جماعيّة
لنصلِّ من أجل الأب اثناسيوس والبعثة الروسيّة الأرثوذكسيّة التي ترافقه إلى الهند. كهنة روس وراهبات من الولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا وروسيا، جميعهم في الهند ليقوموا بمعموديّة أكثر من ألفي شخص، من بينهم نحو مئة قسّيس بروتستانتيّ.
وفي التفاصيل أنّ هذه البعثة تعمل في الهند منذ أشهر عدّة، وتأمل أن يرتفع عدد المنضمّين إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة إلى مئة ألف في السنوات القادمة بإذن اللَّه.
الكنيسة الأرثوذكسيّة في الهند تخدم المسيح وكنيسته تحت سلطة الكنيسة الروسيّة الأرثوذكسيّة والأسقف روهان (الأنكليانيّ سابقًا)، منذ العام 2012. مقرّ الكنيسة يقع في ولاية ماهاراشترا، وهي الوحيدة في المنطقة إضافة إلى الكنيسة اليونانيّة في كالكوتا. هناك ستّ رعايا في هذه الولاية والمرسلون يعملون دوامًا كاملاً في الوعظ والتبشير، في مناطق ريفيّة بعيدة حيث لا مواصلات منتظمة ولا كنائس، وتقام الصلوات في الخيم. وهؤلاء المرسلون يعيشون في ظروف قاسية إن من ناحية مستلزمات الحياة الكريمة، أو من جهة المناخ، أو من ناحية خوفهم من الإرهابيّين الماويّين أو الأصوليّين الدينيّين الذين يضطهدون المسيحيّين ويسمحون لأنفسهم بقتل كلّ من يهتدي إلى المسيحيّة.
الهند
الأخت نيكتاريا رمز النضال ضدّ الفقر
غدت الأخت نيكتاريا الأرثوذكسيّة اليونانيّة في كولكاتا (كالكوتا سابقًا) رمزًا للصراع ضدّ الفقر والأمّيّة والمتاجرة بالأطفال والدعارة. الأخت نيكتاريا (باريديزي) هي اليونانيّة الوحيدة التي بقيت في كولكاتا، حيث بنت المدارس والمياتم بمساعدة المتبرّعين، فأصبحت أمًّا لآلاف الأطفال الذين قدّمت لهم حياة فضلى جديدة.
تعيش الأخت نيكتاريا جنوب مدينة بيكسوار، حيث هي مسؤولة عن ميتمين تملكهما الكنيسة الأرثوذكسيّة اليونانيّة. منذ العام 1999 حين أنشئ أوّل ميتم وجد مئات الأطفال الأيتام والمشرّدين ملاذًا أمينًا ومنزلاً دافئًا. وجدوا المحبّة والعاطفة البريئة، وهذا ما كانوا بحاجّة ماسّة إليه.
الأخت نيكتاريا من مدينة كورنثوس اليونانيّة، وصلت إلى كولكاتا في العام 1991 بهدف إنشاء إرساليّة أرثوذكسيّة في مقاطعة غرب البنغال الهنديّة. وعدد سكّان كولكاتا بحسب إحصاء 2011 يبلغ نحو أربعة عشر مليون نسمة، وهذا ما يجعلها المدينة الثالثة الأكثر كثافة سكّانيّة في الهند. الفقر مهيمن على المدينة فنحو مليون إنسان ينامون في الطرقات، والأطفال يتسوّلون بدلاً من أن يكونوا في المدارس يتعلّمون، والفتيان يقومون بأعمال قاسية لقاء لقمة عيشهم. أمام هذا الواقع الأليم وبفضل ثباتها وإخلاصها تمكّنت من إنشاء ميتمين وخمس مدارس في مناطق نائية. وتقول الأخت نيكتاريا في هذا المجال: «عندما نذهب في إرساليّة ما، نحن لسنا في عطلة وعلينا أن نجتهد في خدمة كلّ محتاج. الأطفال، وبخاصّة الفتيات، يفتقرن إلى التعليم وهذا ما يجعلهنّ فريسة الجشعين. فالفتيات مثلاً يُجبرن على الزواج برجال مسنّين، فعائلاتهنّ تودّ التخلّص منهنّ إذ هنّ يشكّلن عبئًا ثقيلاً. والتعليم الجيّد يُعطى فقط للشباب. ومن الصعب تغيير الذهنيّة الهنديّة. في كلّ يوم يذهب الأولاد إلى المدرسة والميتم حيث يكون الفطور بانتظارهم وهو يتكّون عادة من الحليب والبسكويت، وفي بعض الأحيان يكون هذا طعامهم الوحيد طوال اليوم».
أمّا بالنسبة إلى المدينة فقد كانت تعجّ باليونانيّين في ما مضى. فمنذ القرن السابع عشر كانت جالية يونانيّة تعيش في كولكاتا، وهناك مقابر يونانيّة حتّى اليوم وتعود إلى العام 1777. كما هناك كنيسة تجلّي الربّ التي شيّدت في منطقة كاليغات. غير أنّه مع خروج اليونان من المدينة أصبحت الكنيسة مهملة وأُقفلت نهائيًّا في العام 1972.
في العام 1991 وبمبادرة من السفارة اليونانيّة في الهند أعيد فتح الكنيسة، وطُلب من الأخت نكتاريا، التي كانت تعمل في كوريا الجنوبيّة، أن تأتي إلى كيلغات وتهتمّ بالكنيسة. والأب أغناطيوس الكاهن المسؤول عن كنيسة التجلّي أنشأ أيضًا في ما مضى جمعيّة خيريّة. ولكن اليوم كولكاتا فارغة من أيّ وجود يونانيّ، والكنيسة يستخدمها مسيحيّو المدينة، وتقام فيها الصلوات باللغة البنغاليّة.
المغرب
احتفال تاريخيّ لبطريرك الإسكندريّة في الدار البيضاء، المغرب
في يوم الأحد الموافق 24 آذار 2019، وببركة غبطة البابا ثيوذوروس الثاني، بابا وبطريرك الإسكندريّة وسائر إفريقيا، كرّس المتروبوليت ميليتيوس، مطران قرطاجة وشمال إفريقيا، كنيسة البشارة المقدّسة للرعيّة اليونانيّة في الدار البيضاء بالمغرب.
شُيّدت هذه الكنيسة بين 1929 و1934م في زمن البطريرك ميليتيوس ماتاكساكيس، لكن لأسباب غير محدّدة لم يتمّ افتتاحها حتّى اليوم.
في اليوم السابق على تكريس الكنيسة، أقام المتروبوليت ميليتيوس صلاة الغروب فيها ونقل إليها أواني الخدمة المقدّسة.
حضر افتتاح كنيسة سفراء وقناصل جميع الدول الأرثوذكسيّة في المغرب، وهي اليونان ورومانيا وصربيا وبلغاريا وروسيا وأوكرانيا.
وأيضا حضر سيادة رئيس الأساقفة الكاثوليكيّ في الرباط كريستوبال ورئيس الوزراء السابق في عهد الملك الحسن ملك المغرب.
وشارك في افتتاح الكنيسة والقدّاس الإلهيّ، كلّ من المتقدم في الكهنة الأب مكسيموس من أبرشيّة الرباط، والأرشمندريت ألكسيوس من أبرشيّة ميسينيا في اليونان، والأب خريسوستوموس من أبرشيّة فولاند في إيطاليا.
هذا الحدث الفريد أي تدشين كنيسة أرثوذكسيّة في المغرب، شارك فيه بكلّ خشوع جميع المسيحيّين الأرثوذكس المقيمين في الدار البيضاء والرباط.
إكسكان- غواتيمالا
الأرثوذكسيّة في إكسكان
حتّى أواخر الخمسينات لم تكن منطقة الأدغال في إكسكان، غرب غواتيمالا، ذات أهمّيّة بالنسبة إلى الحكومة. وفي محاولة لزيادة عدد السكّان في المنطقة، أُطلق مشروع استصلاح الأراضي. فقام الأب ويليام وودز، وهو ينتمي إلى الحركة التبشيريّة الكاثوليكيّة العالميّة، بشراء أرض مساحتها مئة ميل مربّع وأسّس تعاونيّات بهدف مساعدة شعب المايان. وبواسطة ثلاث طائرات كان ينقل الإنتاج الزراعيّ من الأدغال إلى الأسواق، يعاونه في ذلك أكثر من طيّار. وفي العام 1970 اكتشف البترول في هذه المنطقة، وأُجبر الأهالي على زراعة العشب في أراضيهم وعلى الرحيل، تاركين أرضهم إلى الأغنياء لاستغلالها. وبما أنّ الأب وودز كان المدافع الوحيد عن شعب المايان، حاول قدر الإمكان أن ينقل هذه المأساة إلى العالم. فتلقّى تحذرًا وإنذارًا بمغادرة المنطقة. وبعد فترة قصيرة تحطّمت طائرته في الأدغال، وفي غضون ساعة أزال الجيش كلّ حطام الطائرة.
السنوات التي تلت استشهاد الأب وودز كانت صعبة جدًّا على سكّان إكسكان، إذ كانت عناصر الجيش تدخل المنطقة وتقتل الأهالي وتحرق المحاصيل الزراعيّة. فاضطرّ البعض إلى الهرب نحو المكسيك، أو إلى الاختباء في الأدغال، خوفًا من الإبادة التي كان يعتمدها الجيش. وعندما عاد الهاربون إلى إكسكان في العام 1975، وجدوا أنّ الجيش أعطى الأراضي إلى أشخاص آخرين. ولكنّ الكنيسة سعت إلى استرجاع هذه الأراضي، وصور الأب وودز مازالت معلّقة في كلّ المنازل والكنائس.
الأب أندريز جيرون، مؤسّس الكنيسة الأرثوذكسيّة في غواتيمالا، كان أحد زعماء حركة استصلاح الأراضي، وقد أطلق اسم ويليام وودز على قرية ساحليّة.
اليوم الأرثوذكس في إكسكان الذي عاشوا ويلات الحرب الأهليّة يتذكّرون تلك الأوقات العصيبة، وبعد اتّفاقيّة السلام في العام 1996 واستعادة أراضيهم يحاولون أن يجدوا حياة جديدة. وبعد تغرّب عن الكنيسة الكاثوليكيّة التي لم تهتمّ لهم، قرّر عدد من العائلات الانضمام إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة، وكان ذلك في العام 2010 بمساعدة الأب أندريز جيرون الـذي كان أيضًا كاهنًا كاثوليكيًّا طُرد من الكنيسة لمواقفه السياسيّة. ووجدوا فيه إنسانًا مدافعًا عن حقوقهم وحاميًا لهم.
الكنيسة في هذه المنطقة بسيطة جدًّا فهي تتألّف من بيوت خشبيّة وأرض ترابيّة مغطّاة بالأعشاب، لكنّ قلوب المؤمنين مفعمة بالمحبّة. واليوم اشترى الأهالي قطعتي أرض يعملون على زراعتها، والأب أيفانغليوس يزورهم مرّة كل شهرين ويقيم لهم الخدم الكنسيّة.
أغواكيت- غواتيمالا
إرساليّة طبّيّة
قرية أغواكيت الواقعة على حدود المكسيك مع غواتيمالا، أصبحت منذ العام 2015 أوّل عيادة طبّيّة أرثوذكسيّة في هذه البلاد. معظم سكّان القرية انضمّوا إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة في العام 2010، إضافة إلى أكثر من مئة رعيّة أخرى. واليوم عيادة الأب أندريز جيرون غدت مجهّزة بأفضل المعدّات الطبّيّة الخاصّة بأمراض العين، وذلك بمساعدة إرساليّات أميركيّة من مدينة بيتسبرغ ومن جامعتها. وحضر فريق من الأطبّاء إلى القرية وعاينوا المرضى وقدّموا لهم النظارات التي بلغ عددها 1600. وعلى مدى أربعة أيّام توافد السكّان إلى العيادة، ومعظمهم لم يذهبوا إلى طبيب عيون من قبل. وكم كانت الفرحة عامرة في نفوس هؤلاء، إذ قالت امرّأة مسنّة إنّها سعيدة لأنّها ستتمكّن أخيرًا من قراءة الكتاب المقدّس. وقال شخص آخر إنّه سعيد برؤية ألوان الطبيعة.
بارك اللَّه جهود كلّ من يعطي أخوته الصغار كأس ماء بارد.
روسيا
مساعدة المدارس في سورية
بدأت رعايا روسيّة العمل على ترميم مدارس في سورية، ولهذا الهدف زار وفد من مجموعة العمل بين الأديان لمساعدة الشعب السوريّ، منطقة برزة في ضواحي مدينة دمشق، حيث تقع مدرسة تضرّرت من جرّاء الأعمال العسكريّة. أطلق هذا المشروع غبطة البطريرك كيريل على أثر زيارة المتروبوليت هيلاريون إلى سورية في تشرين الثاني 2018. ووافق على هذا المشروع معظم قادة الرعايا المسيحيّة والمسلمة في روسيا. وعاين الوفد برفقة رجال دين مسيحيّين ومسلمين المدرسة والصفوف وحدّدوا مجال العمل في الورشة. وشارك في هذه الجولة عدد من المسؤولين في وزارة التربية.
المدرسة التي تستقطب أكثر من ألف تلميذ واقعة من منطقة مكتظّة بالسكّان، وكانت هدفًا مباشرًا للأعمال العسكريّة ما أدّى إلى تدميرها. والتلاميذ الذين يسكنون في المنطقة ذاقوا الأمرّين، وتشبّعوا بالأفكار الإيديولوجيّة الإرهابيّة، وعاينوا أهوال الحرب ما انعكس سلبًا على نفسيّتهم. واليوم هؤلاء التلاميذ لا أمل لهم في التحصيل العلميّ، لذا فإنّ ترميم المدرسة هو حاجة ماسّة، تحول دون تشرّد التلاميذ في الشوارع.
كاريليا
كنيسة والدة الإله
جمهوريّة كاريليا هي جزء من الاتّحاد الروسيّ وتقع في شمال أوروبّا. الجزء الشماليّ الغربيّ يتبع لروسيا وسكّانه بأغلبيّتهم ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة. أمّا الجزء الجنوبيّ فيتبع دولة فنلندا.
في كاريليا، وبالتحديد في قرية كوندوبوغا، كنيسة خشبيّة لرقاد والدة الإله تعود إلى القرن الثامن عشر، هي مثال للهندسة الروسيّة الشماليّة، ولها شهرة عالميّة. إلاّ أنّ فتى في الخامسة عشرة من عمره أضرم فيها النار في العاشر من آب العام الماضي.
وبعد التخمين الأوّليّ يرى الخبراء أنّ كلفة ترميم هذه الكنيسة تبلغ مئة مليون روبل، أي ما يعادل مليون ونصف مليون دولار. ولهذا الهدف انطلقت حملة تبرّعات واسعة النطاق. وأبرز المتبرّعين كان رئيس دولة الشيشانرمزان كاديروف الذي تبرّع بمليون روبل وقال: «نحن نعيش في دولة متعدّدة القوميّات والديانات. وهذا الإنجاز المعماريّ تركه لنا أجدادنا، ولا أحد يجب أن يصمت أمام تدمير الكنائس والجوامع». وكذلك قدّم رئيس كاريليا مبلغًا كبيرًا وحثّ موظّفي الدولة على التبرّع بقيمة يوم عمل. n