مقابلة مع سيادة رئيس أساقفة برلين
مارك
تعريب المطران سابا إسبر
من هو الأسقف مارك؟ هو أسقف أبرشيّة برلين وألمانيا التابعة للكنيسة الروسيّة خارج الحدود، ومشرف على الإرساليّة الأرثوذكسيّة الروسيّة في القدس. ولد في 29 كانون الثاني 1941. بعد إنهاء دراسته الثانويّة انخرط في الجيش الألمانيّ الغربيّ سنة واحدة؟ تخصّص في الجامعة باللغات السلافيّة ويحمل دكتوراه من جامعة هايدلبرغ. اعتنق الإيمان الأرثوذكسيّ وقام بزيارات عدّة إلى جبل آثوس. تابع دارسته اللاهوتيّة في بلغراد، وفي العام 1975 لبس الثوب الرهبانيّ متّخذًا شفيعًا له القدّيس مرقس. وفي العام 1980 رُسم أسقفًا في الكنيسة الروسيّة خارج الحدود، واستقرّ في دير القدّيس أيّوب في ميونيخ. ترجم بعض الكتب الطقسيّة إلى الألمانيّة، وشجّع المؤمنين المتحدّرين من روسيا على الحفاظ على لغتهم الأمّ. هو من أبرز العاملين على وحدة الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة.
صاحب السيادة، أنت رئيس لجنة قانونيّة كنسيّة. وكلّ إنسان يحبّ أن يتكلّم على حقوقه، هذه الأيّام، وينسى مسؤوليّاته. ما هي أولى واجباتنا؟
عندنا واجب واحد: أن نكون مسيحيّين أرثوذكسيّين، كلّ يوم، لا في أيّام السبوت والآحاد فقط. علينا أن نعترف بإيماننا، في كلّ ساعة، وفي كلّ مكان، طوال أيّام حياتنا.
تختلف الأزمان من فترة إلى أخرى. ما هي سمات زمننا الحاليّ؟ ما هي أهمّ التحدّيات الجدّيّة التي تواجه المسيحيّين اليوم؟
أوّلاً أودّ أن أشير إلى المشاكل التي تواجه تربية الشبيبة. فأمور كثيرة غير أرثوذكسيّة تغزو حياتنا. ثمّة روح مضادّ للمسيحيّة يواجه كلّ طفل ويحتكّ به، منذ سنوات حياته الأولى. بالطبع على الكنيسة والأهل أن يحموا أولادهم من هذا. إلاّ أنّ الحماية غير كافية، بل يجب أن يعطوهم بالمقابل أمورًا أخرى إيجابيّة. من الضروريّ أن يشارك الأولاد في أسرار الكنيسة منذ سنوات عمرهم الأولى؛ وهكذا يكتسبون القدرة على أن يدركوا خصوصيّتهم.
نحن المسيحيّين لسنا من هذا العالم ويجب ألاّ نتكيّف معه. نعم يجب أن نعيش في هذا العالم، لكن لدينا واجب واحد: أن نكون مسيحيّين أرثوذكسيّين؛ أن نعيش بحسب عاداتنا وأحكامنا. يواجَه أولادنا بمقاومة هذا العالم لهم، بخاصّة في الغرب، حيث قد تصادف تلميذًا أرثوذكسيًّا واحدًا في المدرسة فقط. ولأنّ من حقّه أن يدافع عن مواقفه، فعليه أن يفهم خصوصيّته وفرادته. عليه أن يعرف بأنّ المسيحيّ لا يمكن أن يسلك مثل أيّ شخص آخر، ولا يفكّر مثل أيّ شخص آخر، ولا يتصرّف مثل أيّ شخص آخر من الذين يعرفهم في المدرسة. عليه أن يفهم قيمة إيمانه، وأن يعرف أنّ ما عنده غير موجود عند الآخرين. يفيده الاشتراك في الأسرار الإلهيّة لأنّه يرفعه إلى ما فوق الإنسان العاديّ. حتّى برنامج حياته اليوميّة، بدءًا بصلاة الصباح وانتهاء بصلاة المساء، مختلف عن نمط أصدقائه. عندما يميّز الولد هذا الأمر، يمكنه أن يعيش بسلام. وإذا لم يفهم هذا سيبقى تحت الضغط باستمرار، أو سوف ينجرف في التيّار الدنيويّ؛ فيفعل ما يفعله أيّ ولد، وينساق مع الأولاد الآخرين، في أيّ بلد، لا في الغرب فقط. استسلام المسيحيّ الأرثوذكسيّ لهذا أمر شديد الخطورة لأنّه يُفقِده هويّته بسهولة. باشتراكك في الأسرار الإلهيّة تفهم الغنى الذي تملكه: «الإيمان الأرثوذكسيّ، وتقليد الكنيسة الأرثوذكسيّة»، وتعيش حياتك الخاصّة. مروحة الخيارات الواسعة المتوفّرة في الغرب تجعل الأمر أكثر تعقيدًا، فتضع الحياة تحدّيات أمام الجيل الشابّ، تُلزمه بأن يعرف الأجوبة الصحيحة.
مستَعبَدون للآلات الصغيرة
اليوم وبسبب التكنولوجيا المتطوّرة كلّ الأحداث بمتناول اليد وفي اللحظة ذاتها، بما في ذلك حياة الآخرين الشخصيّة. فكلّ شخص يملك كاميرا فيديو وهاتفًا جوّالاً، وكلّ ما يحصل في الحياة الواقعيّة يُنقل مباشرة على الإنترنت. والكنيسة ضمن هذا المدى أيضًا.
نشاهد كيف أنّ أفلام فيديو كثيرة تتناول الإكليريكيّين وسلوكهم الذي قد يكون أحيانًا غير ملائم. ما نصيحتك التي تقدّمها باعتبارك أسقفًا؟ وكيف يكون ردّ فعلك؟
لنقل، ماذا تفعل عندما ترى أنّ كاهنك قام بعمل غير ملائم؟ هذا له وجه تربويّ عظيم لنا. إنّه يذكّرنا بوجوب عدم نسيان مسؤوليّاتنا التي نحملها، كما يذكّرنا كيف أنّ الحياة يجب أن تكون بالنسبة إلينا خدمة مستمرّة. لا نجرؤ على الاستسلام للأهواء أو الضعفات، وعلينا أن نعمل في أيّة لحظة من حياتنا. الكهنة كانوا دومًا ولا يزالون منظورين من الجميع، هكذا ترى أنّ ما من شيء قد تغيّر من حيث الجوهر، فقط النوعيّة والكمّيّة تغيّرتا.
فإن وُجد في وقت ما، في قرية ما، كاهن دون المثال المطلوب، فهل سيعرف بضعفه أبناء رعيّته فقط؟ يرى، الآن، قطاع واسع من المجتمع أمورًا غير مسرّة. الكاهن، وليس الكاهن فقط، بل كلّ مسيحيّ، يحمل مسؤوليّة لأجل كلّ إنسان، لأجل الجميع، لأجل رعيّته ولأجل زميله المسيحيّ. علينا ألاّ ننسى، لدقيقة واحدة، مَجمعيّةَ كنيستنا. وباعتبارنا مسيحيّين مجمعيّين فإنّنا نمارس تأثيرًا على أيّ شخص آخر. ما يفعله شخص ما ينعكس على كلّ شخص، إيجابًا وسلبًا. إلى جانب هذا علينا بالطبع أن نذكّر أنفسنا والآخرين باستمرار بأنّ الحدث الفرديّ، أو الحوادث الفرديّة المأخوذة من سياقها يحب ألاّ تُعمّم لأنّها ليست الصورة العامّة. علينا أن نقول للعلمانيّين إنّ هذه الصورة ليست صورة كنيستنا، إنّها صورة تائه؛ وكلّ إنسان يمكن أن يتوه. هذه هي طبيعة البشر؛ إن حدث شيء ما غير مناسب يجب ألاّ نركّز عليه، بل ندعه يزول وحده. يجب أن نعلم أنّه خطأ فرد مفرد. يجب ألاّ نضخّمه. هذا ينطبق على أوجه الحياة الأخرى، لكن بالأخصّ إذا كنت تحيا في الكنيسة.
كثيرون هم الذين يستخدمون الهواتف والهواتف الذكية وألواح الآي باد في الكنيسة لكي يتابعوا قراءات الرسائل والأناجيل وصلوات قبل المناولة. ما هي وجهة نظرك في هذا الأمر؟
توصّلت إلى نتيجة مفادها هو أنّنا يجب ألاّ نستخدم هذه التكنولوجيا من حيث المبدأ. قال أحد الأساقفة لي مرّةً: «أتعلم، كنت أظنّ أنّك ترسل الرسائل وتستقبلها». فوضعت هاتفي في جيبي وقرّرت ألاّ أستخدمه لئلاّ أوقع غيري في التجربة. للأسف، حتّى الكهنة يستخدمون الهواتف في الهيكل ويجرون مكالمات هاتفيّة. أطلب منهم دائمًا أن يخرجوا من الهيكل عندما أرى تصرّفهم هذا. بالطبع، قد يحتاج المرء في ظروف شديدة الاستثنائيّة إلى أن يلقي نظرة على هاتفه. أسافر غالبًا إلى رعايا بعيدة وأضطرّ إلى اللجوء إلى هاتفي أحيانًا؛ عندما لا أجد العلامة التي تؤشر إلى القراءة المطلوبة (الرسالة أو الإنجيل) التي كنت قد حضَّرتها مسبقًا أو قد أختار القنداق الخطأ، فأستخرجه من هاتفي. لكن هذا نادرًا ما يحدث. مرّة أخرى، ومن خبرتي، أرى أنّ هذا قد يوقع بعضهم في التجربة. أعلم أيضًا أنّنا إذا ما استعملناه كثيرًا سيصير عادة مألوفة، وسيصعب كسر هذه العادة. توسّع التكنولوجيا الحديثة مروحة إمكاناتنا لكن علينا ألاّ نعتمد عليها حصرًا، وألاّ نستبدل بها ذاكرتنا وأفكارنا.
الدير والعالم
كلّ الناس، حتّى الذين اختاروا الحياة الرهبانيّة، يشعرون في هذه الأيّام بضغط العالم؛ ما هي التحدّيات الأخطر برأيك؟
أوّلاً، العالم الرقميّ؛ رقمنة العالم والبشر. طبعًا العالم الرقميّ يسهّل الحياة بطرائق كثيرة، لكنّه يدفع البشر إلى تحمّل مسؤوليّات أكثر. يفكّرون: حسنًا عندي كومبيوتر، فأستطيع أن أعمل عملي بسرعة، وهكذا فثمّة مهمّتان إضافيّتان سوف أتمّمهما». الراهب في هذه الحالة يفقد قاعدته ويخسر من وقت الصلاة. ما هي الواجبات الرهبانيّة؟ هي ما يقوم به الرهبان ويسمح لهم بمزاولة الصلاة في أثناء القيام به: حياكة السلال، العناية بالبستان، ...رهباننا على سبيل المثال يصنعون الشمع؛ وفيما هم يصنعونه يصلّون.
في دائرة الطباعة تصعب الصلاة. الجزء الأصعب هو تحضير الموادّ للطباعة، لأنّ هذا النوع من التحضير يحتاج إلى تركيز الذهن، فتصعب الصلاة. الرهبان الأكثر خبرة يحفظون الصلاة في قلوبهم. لذلك أطلب من الرهبان الذين يزاولون أعمالاً كهذه أن يأخذوا استراحة كلّ نصف ساعة ليقوموا بعشر مطّانيّات ويتلوا صلاة يسوع 25 مرّة، ثمّ يستطيعون أن يعودوا إلى عملهم. أعرف بالخبرة الشخصيّة أنّ هذه الممارسة فعّالة جدًّا. يخاف الكثيرون من تيهان نفوسهم بسبب العمل ويظنّون أنّ أذهانهم ستتشتّت فيخسرون تدريبهم على ضبط الفكر. بينما الحقيقة هي على عكس ما يظنّون؛ لأنّك تختبر، بوضوح تامّ، أنّ أفكارًا جديدة تأتي إلى الذهن بعد الصلاة. اعتدت هذه الطريقة منذ كنت طالبًا في الجامعة. كنت آخذ استراحة كلّ نصف ساعة وأنهض إلى الصلاة، وأجد أنّ عملي يتتابع بسلاسة بعد الصلاة أكثر ممّا كان قبلها. بالطبع أنت تحتاج إلى انضباط داخليّ لتعمل هذا.
ثمّة تحدٍّ آخر يواجه رهباننا وهو الحاجة إلى الاحتكاك مع العالم الخارجيّ. فإن كان الدير في موقع غير منعزل وغير بعيد عن العالم؛ في المدينة أو ضواحيها، فثمّة تجارب كثيرة يتعرّض لها تنبثق من احتكاكه بالعالم. الحاجة إلى ابتياع الطعام من محلّ البقّال والميل إلى أمور أخرى. إذا لم يتعلّم الراهب كيف يتعامل بالشكل الملائم مع هذه الأمور سيسبّب احتكاكه بالعالم هذا مشكلة شائكة له. بالطبع يجب تنظيم هذه الأمور والحدّ منها وهذا أمر صعب جدًّا، لكنّه ضروريّ. أيضًا التآلف مع الكومبيوتر والآلات الالكترونيّة الحديثة يجب أن يكون محدودًا. يجب ألا يُوجد في قلاّية الراهب، أيًّا تكن الأسباب، بل في المكتب فقط.
ثمّة شيء آخر، الناس الذين يزورون الدير يجلبون معهم عاداتهم العالميّة. والشائع في هذا المجال هو متابعة الأحداث الجديدة والسارية. والراهب لا يحتاج إليها إطلاقًا. ترسّخ هذه العادة جذورها في أناس اليوم، والإقلاع عنها يحتاج إلى جهد هائل. أنا لا أقرأ الأخبار كلّ يوم. إن حدث شيء مهمّ يخبرني به أبناء رعايانا. وإن كان أمرًا مهمًّا حقًا لنا فأنا أو أحد آخر سيوصله إلى رهباننا. لكنّ متابعة (مطاردة) آخر الأخبار، الأمر الشائع في العالم اليوم، يجب أن يُقصى عن الدير، فهو يعيق عمل الراهب.
مشكلة كبرى أخرى يتعرّض لها الدير من الأقرباء، ويصعب إيجاد الحلّ لها أكثر من قبل. يجب أن تتحدّد اللقاءات مع الأقارب لئلاّ يُغرق الراهب نفسه في هذا العالم. فالعالم اليوم يغزو الدير بسهولة، وعلينا أن نكون يقظين لئلاّ نستسلم له. الشكر للَّه على وجود جبل آثوس، حيث يمكن للمرء أن يعيش حقًا بعيدًا عن هذا العالم. أعتقد أنّ هذه هي التحدّيات الرئيسة التي تواجه الرهبنة المعاصرة. نعم فالانضباط أمر صعب جدًّا جدًّا. كان الخضوع للانضباط أمرًا سهلاً في السابق لأنّ الطاعة كانت شائعة في العائلة ومغروسة في الأولاد. أمّا اليوم فالحال تغيّر، والشخص الذي يدخل الدير يجلب معه نَفَسَه الشخصيّ من كبرياء وعدم طاعة، يجب أن يحرّر نفسه من مقدار ضخم من العادات. كثير من الأمور الداخليّة عليه أن ينكسر.
مثلاً، يجد الرهبان الشباب صعوبة في النهوض باكرًا لخدمات الصلاة الإلهيّة. كان هذا الأمر سهلاً في ما مضى حينما كان الشباب يقومون بالخدمة العسكريّة. كانوا يعتادون النهوض باكرًا، ولم تكن الحياة الرهبانيّة لتختلف عليهم. الآن لا يخدم الكثيرون في الجيش فيصير النهوض باكرًا مشكلة كبرى لهم. تعاني كلّ الأديرة مشكلة عدم الطاعة وهذا تحدّ معاصر. فالمشيئة الذاتيّة شيء رهيب. نقِّ قلبك للصلاة!
من مشاكل اليوم الاستهلاك المفرط. فلكي تستهلك أيّ شيء تحتاج إلى المال، وإن لم يتوفّر تسحب على بطاقة الائتمان. مؤخّرًا صار معروفًا أنّ الشعب الروسيّ اقترض مبلغًا يوازي ميزانيّة الاتّحاد الأوروبّيّ. والعيش في الدَيَن يستجلب مشاكل روحيّة جدّيّة. يتزعزع السلام الروحيّ ولا يفكّر الناس في شيء إلاّ في كيف يدفعون الفوائد المترتّبة عليهم. ماذا تفعل أمام حالة كهذه؟ من جهتي، لا أستعمل بطاقة الائتمان إطلاقًا ولا أرغب فيها. أخاف دومًا من أن أتعرّض لفخّ ما ولا أعرف كيف أنجو منه.
بالطبع أبناء الرعايا يُجبَرون على اقتراض المال لكي يدفعوا لكنائسهم وأبنيتها أو لأملاك الرعيّة الأخرى. أعتقد أنّ الأمر على هذا المستوى مقبول، لكنّني لا أقبله أبدًا على المستوى الشخصيّ لأنّه يحرمني استقلالي. هذه هي رؤيتي الشخصيّة. للأسف، لا أستطيع أن أتكلّم بها مع أيّ شخص.
عندما أعود من جبل آثوس، من بعد زيارة لشهرين أو ثلاثة، أجد كومة من الجرائد فوق مكتبي. فألقي نظرة على العدد الأخير والعدد الأوّل وكلّها متشابهة. وما من واحد من هذه الأخبار ضروريّ لحياتي. على كلّ إنسان أن يفهم هذا الأمر بوضوح. تكلّمت مؤخّرًا في كيف أنّ الناس معتمدون اليوم على الأخبار اليوميّة. ما هي الفائدة؟ إن ذهب أحد لكي يصلّي، على سبيل المثال قراءة ترتيلة واحدة أو 25 مرّة صلاة يسوع سيكون هذا أكثر فائدة. اقرأ الصلوات. اقرأ المزامير. إن كنت بالغًا اقرأ تفاسير المزامير. المزامير كتاب صعب بالطبع لكنّه موجود في جميع خدمنا الإلهيّة. من المفيد أن نعرف كلّ مزمور ونتعلّمه ونرى ما كتبه الآباء القدّيسون عن هذا السفر ونحيا به.
هذا هو العالم الواقعيّ وليس ما يحدث في أميركا أو إفريقيا، ماذا يخصّنا منه؟ إنّه يثير فينا الاضطراب فقط ويغزو عقلنا بالمعلومات العديمة الفائدة. وكلّ هذه المعلومات تأخذ لها حيّزًا حياتيًّا من قلوبنا البشريّة. تثقل عليها الأحمال فتصبح الصلاة مستحيلة. يأتي الناس إلى الكاهن وهم يبكون قائلين: «لا أستطيع أن أصلّي يا أبانا!». والسبب أنّ قلبه ممتلئ فوق الحدّ وليس فيه مكان للصلاة. إن كنت تدخل معلومات كثيرة في حاسوبك فسوف يتعطّل ويتوقّف عن العمل. واحسرتاه هكذا هو القلب البشريّ عندما يمتلئ فوق طاقته، فإنّه لا ينكسر بل لا يستطيع أن يأخذ أكثر ممّا يؤذيه. أنصح الناس دومًا بأن يأخذوا خمس دقائق لكي يقوموا بعمل واحد وعمل واحد فقط. ثمّ أن ينتقلوا إلى عمل آخر. وباقي الوقت صلّوا فقط. هذه مقاربة نظاميّة لتوقيت الإدارة. الوقت موهبة، عطيّة أُعطيناها. يجب أن نعمل كما يقول مَثَل المواهب (الوزنات) الإنجيليّ، يجب أن نستثمر الموهبة. عندما نجلس هناك ونملأ قلوبنا بما لا نحتاج إليه فإنّنا ندفن هذه الموهبة. n