2018

32- من أقوال الصحف – إعداد النّور – العدد الرابع سنة 2018

من أقوال الصحف

إعداد النور

ما إن انتشر خبر وفاة الأب جورج مسّوح في الخامس والعشرين من شهر آذار 2018، حتّى صدرت الصحف معزّية ومشيدة بمزايا بالراحل الكبير. نقتطف من أقوال الصحف بعض ما ورد في صحيفتي النهار والأخبار.

  • الأب جورج مسّوح، سُلب النور في عصر الظلمة. رحل من كرّس نفسه لنصرة التنوير وسط الظلمة الزاحفة إلى شرقنا، ومن خاض معارك فكريّة مستمرّة من دون كلل لإعلاء شأن الكلمة والمنطق والعقل.

هو الفكر المنفتح تتوق دومًا وتبحث عن مقالاته لما فيها من محبّة وصواب ومنطق. مفكّر أرثوذكسيّ منارة للعلم والاعتدال له كلّ محبّة ووقار في قلوب كلّ من عرفه.

كتاباته كانت ولا تزال مصباح نور في هذا الظلام، صوت عدل في هذه الظلمة، جسر محبّة في عصر الكراهية والحقد. (النهار، 25/3/2018)

 

  • كان صوته صارخًا ضدّ الشذوذ الفكريّ. وهو اجتهد كثيرًا في صوغ تيّار فكريّ يتصدّى للشعبويّة مستخدمًا النصّ الدينيّ في غالب الأحيان لمقارعة خصومه الفكريّين. ولم يتوانَ في تسمية الأشياء بأسمائها فقال إنّ الشعبويّة دخلت الحقل الكنسيّ وبدأت بإفساده. والمقصود بالشعبويّة استغلال الغرائز والمشاعر الطبيعيّة اللاعقلانيّة لكسب الشعبيّة والمجد الشخصيّ.

تجده في صلب العلمنة وناشطي المجتمع المدنيّ من دون أن يخلع الثوب الكنسيّ. كان من رجال الدين القلّة الذين يجدون أنفسهم معنيّين بمعارك الحرّيّات والحقوق الإنسانيّة المثارة يوميًّا.

الاشتياق إلى جرأة رجل الدين وقلمه الحرّ المشكّك النقديّ أمر واقع. لنا في ما كتبه الأب جورج مسّوح زخر وارث وتعويض عن فناء الجسد. (ديانا سكيني، النهار، 25/3/2018).

 

  • أبونا جورج الثائر حتّى الأبديّة. أيّها الثائر حتّى الثمالة لمَ استعجلت الانعتاق والانتقال؟ ألا تعلم أنّنا نحتاج إليك أكثر من السماء؟ ألا تعلم أنّك حرّ من ألف جنسيّة وقوميّة وحيّ في مدى البشريّة والواسع؟

أيّها المعمداني الصرّاخ، من سيرفع الصوت في وجه ألف هيرودس  ينقبون أرض شرقنا وجلد إنسانه؟ من سيحمل السوط ليطرد تجّار الذنوب والألم من هياكل كنائسنا؟ من سيمدّ الجسور بين أبناء أدياننا؟ ألا يكفينا ديجورنا حتّى تغمض نورك؟ اذهب إلى حيث تعشق فأنت الآن حرّ، حرّ من قميصك الجلديّ، حرّ حتّى تتعب من شغفك بالحرّيّة. (الشدياق يوسف (رامي) فاضل، النهار، 26/3/2018).

 

  • بين كثيرين قابلتهم وحده جورج مسّوح كان متسامحًا تمامًا. وبالمعنى اللاهوتيّ للكلمة وحده فقط كان مسيحيًّا. يرفض التشكيك بحدوث المصالحة في الجبل وبإتمامها. ولكنّه يرفض الشكّ أكثر من رفضه الواقعة. يرفضه على قاعدة الإيمان. يؤمن جورج مسّوح بإمكانيّة المصالحة وبإمكانيّة العيش، ويستدلّ على ذلك بتاريخ جبل لبنان المتكسّر وبتاريخ طويل للمسيحيّة الباقية في الشرق. كان جورج مسّوح مؤمنًا بأنّ المسيحيّين واللبنانيّين والبشر بشكل عامّ لن يستطيعوا التملّص تمامًا من وجودهم، وبأنّ تنصّلهم من العيش مع الآخر محاولة تنصّل فاشلة من الوجود.

بين كثيرين، وحده أبونا جورج، كان واضحًا وحاسمًا: العودة قبل الحديث عن الحرب. وعلى الجميع أن يعودوا، وألاّ يديروا ظهورهم لبعضهم البعض. قال أبونا جورج الجبل هو الجبل والبيوت ليست بيوتًا بل ساكنين. ما نعرفه هو أنّ الضباب سينزل حزينًا على عاليه اليوم، كما لو أنّه زيت مقدّس يمشح المدينة الحزينة. (أحمد محسن، الأخبار، 26/3/2018).

 

  • لا ينفكّ الكاهن الأرثوذكسيّ يسير عكس التيّار، في ظلّ ما يشهده العالم العربيّ من أزمة هويّات، ومخاوف تجاه الأقلّيّات بإفراع الشرق من مسيحيّيه. ويؤكّد أنّه لا يمكن استمرار المسيحيّين في الشرق من المسلمين... من ناحية أخرى يرى أنّ العجائب والظهورات خطيرة اجتماعيًّا لأنّها نوع من تعويض عن نقص عاطفيّ ونوع من استنفار للعصبيّة.

وعن الحوار بين الأديان يرى أنّه محكوم بالفشل ما دامت المؤسّسات الدينيّة ترعاه. يجب أن يكون حرًّا بين أشخاص لا يتكلّمون باسم مؤسّسة... (إيلده الغصين، الأخبار، 26/3/2018).

 

  • وكتب جينو رعيدي على مدوّنته: هو الكاهن الأوّل والوحيد الذي أحترم وأحبّ. رحل عن هذا العالم في حين الرجال أمثاله نادرون. رحل ونحن أكثر من نحتاج إليه في هذه الأيّام العصيبة. كان صديقًا شجاعًا وجريئًا، وليبراليًّا وأصرّ على استخدام هذا المصطلح.

آمن الأب جورج مسّوح بأنّ المسيحيّين هم جزء لا يتجزّأ من العالم العربيّ، وسيبقون هكذا كما كانوا منذ مئات السنين.

الأب مسّوح جعلني أشعر بمرارة أقلّ وبخوف أقلّ وبخيبة أمل أقلّ بالإيمان وأعطاني أملاً جديدًا.

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search