2018

19- الإناسة واستقامة الرأي، قراءة في كتابات الأب جورج مسّوح – جورج ن. نحّاس – العدد الرابع سنة 2018

الإناسة واستقامة الرأي

قراءة في كتابات الأب جورج مسّوح

 

مدخل

صدر للأب مسّوح في كانون الثاني ٢٠١٨ كتاب جديد بعنوان "الآن وهنا". ساءلني جدًّا هذا العنوان رغم معرفتي الطويلة بالأب مسّوح، وكنت أفتّش عن السبب الذي جعله ينتقيه. ثمّ تذكّرت الترتيلة التي نرنّمها في مطلع كلّ خدمة سر شكر يوم الأحد والذي جاء في مطلعها: "اليوم صار الخلاص للعالم..." فكان لا بدّ من أن يبقى هذا الكلام حاضرًا باستمرار في ذهن وكيان من يؤم الخدمة أسبوعيًّا، ليس فقط كأب لرعيّة بل أيضًا ككاهن للعليّ على مذبح العالم. من يقرأ الأب مسّوح ويتأمّل في استشهاداته بالأب شميمان يدرك أهمّيّة هذا البُعْد الليتورجيّ غير العباديّ: "الليتورجيا بعد الليتورجيا".

أجرؤ أن أقول أكثر من ذلك. وكأنّ هذا البُعْد هو القاسم المشترك بين ما نُشِر من مقالات، ودراسات، وأحاديث. هاجس الأب مسّوح أن يصبح كلّ إنسان كاهنًا لله وأن يصبح المؤمنون، كجماعة، كهنوتًا ملوكيًّا يؤَدّون الخدمة على هيكل العالم، وهم ينطلقون من المُعْطى الشكريّ ليوزّعوه على العالم محبّة وخدمة. فالكاتب هنا ليس مجرّد أكاديميّ يضع مصنّفًا لترف أترابه وللاختصاصيّين (وقد فعل ذلك أيضًا)، لكن يصحّ فيه قول إيليّا (وقد خصّص له مقالة) "غيرة بيتك أكلتني". لذلك، تميّز عن عدد من اللاهوتيّين المعاصرين بأنّه أراد نقل "الكلمة" إليهم، الآن وهنا!

من يعرف الأب مسّوح عن كثب يعرف تمامًا أنّ شخصيّته هي شخصيّة متكاملة لا ترتضي أنصاف الحلول وظهر ذلك جليًّا في مقالاته الحواريّة، فلم يسعَ إلى التلفيق بل دعا دومًا إلى ”الجدال الحسن“ القائم على الصراحة، والمحبّة، والاحترام المتبادل. هكذا كان دأبه أيضًا في ما يعود إلى الشأن الكنسيّ. حتّى عند اقتناعه بصوابيّة فكرة ما، كان يحثّ من يخالفونه الرأي على مواقف نقديّة تستلهم فكر المسيح. هذا ما جعله متميّزًا ككاتب، وكمؤمن، وكحامل للمسيح.

 

الكلمة المتجسّد

من يتصفّح مجموعة ما كتب الأب مسّوح يُدْرك تمامًا مدى معرفته بالكتاب المقدّس بوّابة فضلى للتعرّف إلى الكلمة المتجسّد. هو يستشهد باستمرار بالكتاب المقدّس أحداثًا وتعاليم ليشدّنا إلى التعليم، وإلى العقيدة الحيّة، وإلى المعاني الإيمانيّة لما يرد في الكتاب المقدّس. هكذا فعل بتعليقه على حادثة بشارة مريم، الذي استرجعها لتكون مثالاً في حياتنا، وهكذا فعل في حادثة ابنَي زبدة وطلبهما المجد الدهريّ. وهكذا فعل أيضًا عندما استشهد، هنا وثمّة، بهامتي الكنيسة بولس و بطرس. لكنّه قادر أيضًا على أن يستنبط من حادثة الخلاف بين بطرس وبولس تعليمًا بنّاءً حول التنوّع في الوحدة وقبول الآخر والقبول بملاحظاته، والتواضع أمام الحقّ مهما يكن الموقع "الإداريّ" الذي يشغله المرء في الجماعة.

لم يكن ذلك ممكنًا لولا محوريّة شخص يسوع المسيح، الكلمة المتجسّد، في فكر الأب مسّوح. وهذا التجسّد هو حياة وليس فكرة. هذا ما يلفتك في قراءة المقالات، حواريّة المنحى كانت أو سياسيّة، فضلاً عن اللاهوتيّة منها. وهذه المحوريّة ليست للتأمّل بل للتقيّد بها. وهي ممكنة بفعل عمل الروح القدس الذي يكمّل عمل الربّ الخلاصيّ بواسطة المؤمنين. فحياة المؤمن، وحياة الجماعة، هما بالروح القدس امتداد للتجسّد وكلّ فهم آخر لحضور الكنيسة في العالم هو تنظير لاهوتيّ لا يمتّ إلى المسيحيّة بصلة. ومن أجلى ما كتب الأب مسّوح في هذا المجال هو كلامه على المطران هيلاريون كبّوجي "مصارع الذئب".

ولا بدّ هنا من التأكيد على تأصّل فكر الأب مسّوح بالتقليد الكنسيّ، عندما يرجع إلى ما قاله العديد من الآباء للتأكيد على أهمّيّة هذا البُعْد التجسّدي. واللافت أنّ استشهاداته الآبائيّة هي دومًا ضمن سياق محدّد وضمن مفهوم واضح لماهيّة التراث. وعندك في كلامه على القداسة والقدّيسين ما يسمح لك بأن تفهم ارتباطه بالتراث كجزء من عمل الروح المستمرّ في الكنيسة، وضمن أنظومة الحرّيّة والمواهب الذي يشدّد عليهما الفكر المشرقيّ.

 

الإنسان المهتدي

            لكن، يدرك الأب مسّوح تمامًا أنّ هذا الأمر ليس سهلاً. وهو يتكلّم على النمو في المسيح كطريقة اهتداء لكي نستطيع أن نجسّد في حياتنا ما طلبه المعلّم منّا. وهذا أمر إشكاليّ بامتياز. كيف نهتدي إلى هذه الدرب التي تجعلنا "نقتني الروح القدس"، ونسلك كالمسيح مشاركين الله في عمله الخلاصيّ؟ قراءة متمعّنة في عدد من مقالات الأب مسّوح تظهر لنا بوضوح خطّين متلازمين هما وجها عملة واحدة.

        الخط الأوّل هو اهتداء القلب. في مجموعة مقالات عن القدّيسين، يؤكّد الكاتب أنّ القداسة هي نتيجة اهتداء للقلب بقوّة الإيمان الذي ينسكب على المؤمن نعمة من لدنه تعالى. ويكون ذلك نتيجة تواضع وجهد كي يسكن الله قلوبنا. وهذا الجهد يأتي من ضمن الحضور في الجماعة التي ترعى، وتراقب، وتواكب. فالقداسة جهد شخصيّ وجماعيّ في آن، والأب مسّوح يرى تلازمًا كبيرًا بين الاثنين لأنّ الجماعة بوحدتها تمثّل جسد المسيح الذي ينمو الفرد فيه.

        أمّا الخط الثاني فهو اهتداء العقل. يخالف الأب مسّوح العديدين في ما يذهبون إليه بإقامتهم تضادًّا بين القلب والعقل. في مقال عنوانه "قليلاً من الأيمان أيّها المتديّنون" يؤكّد الأب مسّوح على موقفه الثابت في ضرورة استنارة العقل كجزء من عمل الله فينا. الله لم يخلق لنا العقل، ولا أعطانا الحرّيّة، ولا سكب علينا المواهب، لكي نطمرها كصاحب الوزنة الواحدة. هو أعطانا هذه الكنوز "في آنية خزفيّة" لكي يتجلّى عمل الروح فيها جميعها. لذلك، الإنسان المهتدي، والمدعوّ ليشهد للمسيح، هو إنسان أسلم قلبه وعقله لله. هو إنسان يقيم الفرق بين التقوى والتقويّات، يقيم الفرق بين الإيمان والتديّن. كلام الأب مسّوح عن القداسة في هذا المجال، مدعاة تأمّل، ومدعاة رجاء. ألم يسلّم الأب سيرافيم ساروفسكي على الناس قائلاً لهم: يا فرحي! الإنسان المهتدي إنسان فرح بعطايا الله. هذا عرفه الأب مسّوح، وبشّر به، وللأسف أخذه عليه الكثيرون.

 

الإنسان الشاهد

        مشكلة الأب مسّوح الكبرى مع عدد من المؤمنين، كُهّانًا كانوا أو عوامّ، هو الفتور. يذهب الأب مسّوح في هذا المجال مذهب الجالس على العرش في كتاب الرؤيا، حين يقول "أمّا الفاتر فأتقيّؤه من فمي". في مقالة عنوانها ”كأنّ المسيح لم يمت“، وأخرى عنوانها ”أهل الكلمة أهل الشهادة“ يدعونا الكاتب إلى ما هو كنه المسيحيّة بالنسبة إلينا نحن الذين نسلك في هذا الدهر، وقد أعطينا مهمّة واحدة ألا وهي أن نقدّس العالم.

        فليس من إيمان من دون شهادة تذهب إلى حدّ الاستشهاد. وهذه الشهادة هي لفكر المسيح، على ما جاء في كلام الرسول: "أمّا نحن فلنا فكر المسيح". لذلك، حتّى لمّا تكلّم الأب مسّوح على الطاعة ربطها بالطاعة بفكر المسيح. أنت في الكنيسة لا تطيع إلاّ فكر المسيح، ولا تطيع الأشخاص مهما كان موقعهم. لك في كلّ الأمور أن تفتّش عن فكر المسيح، بما يخدم الإنسان، ويصون وحدة الجماعة في الحقّ، ويظهر للعالم كيف أنّ الله أحبّه. الإنسان قادر على أن يبتعد عن الله، لكنّه لا يمكنه أن يدّعي أنّه اقتنى الله وهو لا يسلك حسب فكره. لا يهمّ ما تقول. المهمّ هو ما تفعل! وهذا ما فهمه الأب مسّوح تمامًا.

        وعندما يتكلّم الكاتب، هنا وهنالك، على مظاهر التقوى الشعبيّة، ولو كان مزعجًا بالنسبة إلى العديدين، لكنّه يقيم الفرق بين ما هو للإيمان وما هو للتقويّات. فإذا كان التعامل مع التقويّات سببًا للابتعاد العمليّ عن الإيمان لأنّه لا يؤكّد على التجسّد بل يعطي الأولويّة للمظاهر، فهو يرفضه. أمّا التقوى التي هي من الإيمان والتي تجعل الله يسكن قلوب الناس ويظهر في أعمالهم، فهو يرى فيها عنوانًا للقداسة. ما يزعج الأب مسّوح هو أن نجعل العجائب مدخلاً لنا للألوهة وبرهانًا على قدرتها، عوضًا من أن نعتبرها أمرًا طبيعيًّا أهمّيّته هي في رضى الله على البشر، وتحنّنه عليهم، وليس في نصرته لشعب مختار دون سواه. عمل الله في العالم بواسطتنا هو "الليتورجيا بعد الليتورجيا"، وهي التقوى الوحيدة التي تنفع المؤمن.

        يتطلّب هذا العمل تكاملاً بين الشخص والجماعة في سينرجيّة محبّة وخدمة متبادلة. وهذا التكامل هو تحدّ مستمرّ لأنّه يتطلّب من الجميع تواضعًا أمام الكلمة الإلهيّة. ويذكر الأب مسّوح ذلك بوضوح في مقالته حول السلطة في الكنيسة، وحول العصمة. نحن نشهد كأفراد وكجماعة، كوحدة في المسيح، جسدًا وفكرًا. وليس من أمر في التعاطي مع أيّ شأن كنسيّ، تنظيميًّا كان، أو إداريًّا، أو فكريًّا، إلاّ ووحدة المؤمنين وشهادتهم هي في أساسه. ويتألّم الأب مسّوح جدًّا من خفّة التعاطي مع هذا الموضوع وكأنّ الشأن الكنسيّ هو شأن خاصّ. لا لنا يا ربّ بل لاسمك اعط المجد! هل نتذكّر ذلك دومًا؟ سؤال أقلق الأب مسّوح باستمرار.

        وينبغي التأكيد هنا على أنّ مقاربة الأب مسّوح للمسألة الحواريّة تنبع من هذا الفكر تمامًا. فموقفه الرافض للذمّيّة، مثلاً، يرتكز على فهم للمواطنة لا يقبل الجدل حتّى يتمكّن المسيحيّون، أينما حلّوا، من القيام بالدور المطلوب منهم. لذلك، ومن باب "الجدال الحسن"، يدافع عن دوره في الأمّة ويستشهد بتاريخ عريق من الحضور الفاعل والملتزم بقضايا الأمّة ويبقى متمسّكًا بالحرّيّة التي لا بدّ للمسيحيّين من أن يتمتّعوا بها ليقوموا بدورهم في المواطنة. يشدّ الأب مسّوح محاوريه إلى اعتماد مقاربات جديدة في التعاطي مع أفاهيم جديدة كالدولة، والمواطنة، والعيش المشترك. فهو يرفض بقوّة مثلاً مبدأ "التسامح" ويصرّ على مبدأ الشراكة ليكون المسيحيّ كشخص، والمسيحيّون كجماعة، قادرين على أن يشهدوا لمسيحهم خدمة، وتعاونًا، وعملاً مشتركًا. كسب الأب مسّوح احترام الجميع من محاوريه، لأنّه عرف كيف يبقى صلبًا في المواقف، علميًّا في النقاش، محبًّا في التعاطي مع الآخر. رفضه للتلفيق، أيًّا كان، جعل منه رجل علم ومحبّة في آن. استنار قلبه وعقله معًا.

 

السياسة أو الحضور المجتمعيّ

        هذه الاستنارة المزدوجة تفسّر اهتمام الأب مسّوح بالشأن السياسي ّ كتعبير عن هاجسه الشهاديّ. تنوّعت جدًّا مقالاته التي لها طابع سياسيّ. منها ما كان محلّيًّا، منها ما ارتبط بمنطقة المشرق ومشاكلها، ومنها ما نبع من المعطيات الدوليّة التي تؤثّر فينا مباشرة. ويعتبر الكاتب (وقد أخذ من الصحافة منبرًا في هذا المجال) أنّ ما يقوله موجّه ليس إلى الآخرين بل إلى المسيحيين أيضًا إذ يدعوهم ليكونوا ضمير المجتمع. يمكنك ألاّ تشاطره الرأي، وهذا حقّك. لكنّه يلزمك على التفكير بمعنى شهادتك ووجودك في العالم. هو يدعوك كيلا تشاطر الدهرنة، لكنّه في الوقت عينه يدعوك كي تخلّص العالم. لذلك يعتبر، ضمنًا وجهارًا، أنّ الترفعّيّة، والوعظيّة المجرّدة، والاكتفاء بالتقويّات (وهي غير التقوى كما سبق وقلت) هي أكثر من استقالة عن المسيحيّة، هو يعتبرها خيانة للمسيح. تجد في دفاعه عن رفض الطائفيّة مثلاً، أو عن التمسّك بالدولة المدنيّة، تعبيرًا واضحًا عن هذا الموقف.

        في مقالة عنوانها "دولة احترام الإنسان أدنى إلى "فكر المسيح"" يذهب الأب مسّوح بعيدًا جدًّا في طرحه حول علاقة السياسة بالإنسان جاعلاً من هذا الأمر موضوع محكّ لمصداقيّة أيّ عمل مجتمعيّ. ففي الدفاع ضدّ "الدولة الدينيّة" ينقل فحوى الرسالة الخلاصيّة القائمة على أنّ الإنسان هو حبيب الله. وينسج بذلك نموذجًا عمّا يمكن أن يكون عليه سلوك المسيحيّ، وسلوك الجماعة المسيحيّة في عالم اليوم. لا يكفي أن تشاطر العالم همومه. عليك أيضًا أن تشارك في رفع الظلم عنه، لذلك هو يضيء على مسائل يوميّة كيلا تغطّي النظريّة الفضفاضة أهمّيّة التفاصيل التي يتألّم منها الإنسان. يظهر ذلك واضحًا في كتاباته عن القدس، أو غزّة، أو مصر، أو العراق، أو سورية! وهو في ذلك تلميذ تاريخ مشرقيّ مستقيم الرأي حملته كنيستنا لقرون.

        ففي عرض ما جاء على لسان الدبّاس في أحداث ١٨٦٠ في دمشق، يذهب الأب مسّوح إلى أبعد من السرد التاريخيّ والتعليق السطحيّ على الوقائع. وهو يستشهد بما قاله الدبّاس حينها متكلّمًا على ثلاث شخصيّات أدّت دورًا مهمًّا في وقف الاعتداء على المسيحيّين قائلاً: "ولا يتورّع الدبّاس عن وصف هذه النماذج بالعجائب التي أوجدها الله لخلاص المسيحيّين". وصف هذه الشخصيّات بالنماذج يعني أنّ كثيرين آخرين كان لهم دور غير معلن للتعبير عن محبّتهم وضمّهم شركاءهم في المواطنة إلى قلوبهم. لذلك دعوة الأب مسّوح إلى المسيحيّين ليكونوا فاعلين في التاريخ هي نتيجة طبيعيّة لكلّ ما اختزن من فكر نيّر وفهم منفتح لرسالة المسيح. 

 

عمق الفكر اللاهوتيّ عند الأب جورج

        أمّا نحن فلنا فكر المسيح. استشهد الأب مسّوح بهذه العبارة مرارًا وكأنّها كانت هي الملهمة الأساسيّة له. أراه يجاهد لتكون عنده حرّيّة أبناء الله ليتحرّر من كلّ ضغط عليه باسم طاعة مزيّفة. أراه يبني نفسه على امتلاك الفكر النقديّ لتستنير قراءاته الكتابيّة والآبائيّة ولا يقع في فخّ الترداد والعنعنة. أراه يقتني معرفة حقيقيّة تذهب أبعد من المعلومات السطحيّة التي لا تجعلك حاملاً للمسيح بل مجرّد آلة تسجيل.

        أنت تدرك كثافة الفكر اللاهوتيّ التجسّديّ عنده متى تنظر إلى كتاباته كمجموعة متراصّة ومتكاملة. عندها تجد المسيح المتجسّد، وفكره، وتعليم محبّيه، مستترًا بخفر بين السطور، أو معلنًا بقوّة كصرخة المتألّم متى لزم الأمر. حمل فكر المسيح كصليب لأنّه مؤمن حتّى العظم بالتجسّد، وباستمراريّة عمل الروح في العالم، وبأنّ المواهب ليست حكرًا على أحد لأنّ المسيح وحده هو رأس الجسد.

        إنّ استقامة الرأي عند الأب مسّوح ليست بحاجة إلى مباركة إلاّ من ضمير الكنيسة الفاعل في الشعب المؤمن. وعمق لاهوت الأب مسوح قائم على هذا المعطى الإناسيّ الذي طالما دافعنا عنه في المشرق: تجسّد المسيح ليصبح الإنسان قادرًا على التألّه. وهذه حقيقة وليست شعرًا. لذلك نحن نفرح بآلام المسيح كما نفرح بقيامته. نحن نموت في المعموديّة لنقوم معه. نحن نستلم مواهب الروح في الميرون المقدّس لنفعلّها في العالم. هذه رسالة الأب مسّوح لكلّ مؤمن اليوم: إجعل من مواهبك الوزنات الخمس التي ستحاسب عليها.

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search