2018

17- جورج مسّوح المثال الصادق – فادي نصر – العدد الرابع سنة 2018

                          الأب جورج مسّوح المثال الصادق

فادي نصر

واثق الخطوة يمشي ملكًا، هذه هي صورة جورج مسّوح التي انطبعت في ذهني منذ أن التقينا للمرّة الأولى. ملك بكلّ ما للكلمة من معنى، لا يعرف المواربة أو الكذب، الصدق عنوانه، والتواضع وحبّ المعرفة والمحبّة سماته التي اتّصف بها، ولم تكن هذه مجرّد صفات إنّما جسّدها في عمله في جامعة البلمند، وفي رعيّته في عاليه، وفي الفرق التي أرشدها وفي عائلته الصغيرة التي تركها لنا ذخرًا.

من العلوم الرياضيّة انتقل إلى اللاهوت، وبقي هذا عنده علمًا ومن هنا كان الوضوح في الرؤية.

عرفته أخًا عزيزًا مشينا معًا على دروب حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة. وصار أبًا لعائلته الصغيرة كما الكبيرة. كان الراعي الصالح الذي لا يطلب شيئًا لنفسه، يمشي أمام الجميع، وإذا أردت الماء والكلأ عليك أن تمشي وراءه فيصل بك إلى وجه يسوع حبيبه.

جورج مسّوح في عمر الشباب انخرط في التيّار النهضويّ وحمل لواءه، جاعلاً من المسيح رأس الكنيسة قائد حياته ومسيرته. ثبت في ممارسة الصلوات وداوم على الأسرار حتّى خلال وجوده في الخارج، وحتّى في مرضه إذ كان يتحلّى بقوّة من لدن الله ليعظ رعيّته ويخدمها. أحبّ الكلمة وأخلص لها، وآمن بأنّ الله لا ينحصر في الكنيسة الأرثوذكسيّة، بل إنّما هو موجود في كلّ إنسان في  كلّ آخر.

اهتمّ بالفقير والمظلوم وبكلّ محتاج. جورج مسّوح لم يدع إلى المحبّة فحسب، جورج مسّوح عاش المحبّة في كلّ لحظة من حياته وترجمها عطاء لا يعرف الحدود. فكان رجلاً عاش مبادئ حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة ونقلها إلى العالم صورة حيّة.

في تشرين الثاني الماضي، عند التحضير لمؤتمر الأمانة العامّة طلبت منه مساهمة حول الأوضاع اليوم في الحركة وفي الكنيسة، فجاءت المساهمة على شكل وصيّة بعنوان "الحركيّون والأخلاق"، أطلّ منها على مشاكلنا اليوم مذكّرًا إيّانا أولاً بالآخر لأنّ العنوان عنده للربّ هو الآخر، هو المستقرّ.

ثمّ نقل المواضيع من الخاصّ إلى العامّ مع توضيح أين تكمن المعضلة بعد أن رأى محدوديّة في التعليم، ليعود ويطلق فينا ورشة تفكير حول أساس هذا التعليم.

أرجو أن تكون مساهمته اليوم نقطة انطلاق هذه المسيرة، وان يرافقنا هو بالصلاة لنا من عليائه، وأن ننهل من مخزون المعرفة الذي تركه لنا عسى أن نستلهم السبيل الذي رسمه لنا الربّ يسوع المسيح بدمه، وأناره جورج مسّوح بتواضعه ومحبّته. فمغبوط أنت يا أخي جورج لأنّك أحببت الجميع ولم تطلب المحبّة من الآخرين. مغبوط أنت لأنّك مجّانًا أخذت ومجّانًا أعطيت.

المسيح قام.

© حقوق الطبع والنشر 2025 مجلّة النور. كل الحقوق محفوظة.
Developed by Elias Chahine

Search